252

دروس الشيخ محمد الدويش

دروس الشيخ محمد الدويش

জনগুলি

الأدلة على ذلك من السنة
ويشير النبي ﷺ في طائفة من أحاديثه إلى شيء من هذه السنن، يقول ﷺ في قصة قدوم أبي عبيدة بمال من البحرين: (فوالله ما الفقر أخشى عليكم! ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم).
فهي سنة لا تتخلف: أنه حين يتنافس الناس في الدنيا، ويتنافسون في الدينار والدرهم كما تنافس الذين من قبلهم أن تهلكهم كما أهلكت من كان قبلهم.
ونظر ﷺ إلى السماء فقال: (هذا أوان يختلس العلم، فقال زياد بن لبيد ﵁: كيف يفقد العلم ويرفع العلم وقد قرأنا القرآن وأقرأناه أبناءنا؟ فقال ﷺ: إن كنت لأظنك من أفقه أهل المدينة! هذه الكتب عند أهل الكتاب أو اليهود والنصارى فلم تغن عنهم شيئًا)، فالسنة التي حقت على أولئك قد تحق على هؤلاء.
وحين أراد النبي ﷺ أن يقيم حد الله على امرأة شريفة ذات مكانة: امرأة من بني مخزوم كانت تستعير المتاع فتجحده، فأراد النبي ﷺ أن يقطع يدها، فشعر بنو مخزوم وشعرت قريش أن هذا فيه إهانة لشرف هذه القبيلة ذات المنزلة العالية، فأردوا أن يستشفعوا إلى النبي ﷺ أن يخفف عنها الحد، ويسقط عنها هذه العقوبة، فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة ﵁ حب رسول الله ﷺ وابن حبه، فكلموا أسامة، فكلم أسامة رسول الله ﷺ، فغضب ﷺ على أسامة وقال: (أتشفع في حد من حدود الله؟!)، فالنبي ﷺ عالج هذه القضية الخطيرة، والتي إن بدت في الأمة فهي نذير هلاك، أي: إن بدت فيهم المحاباة في أحكام الله ﵎ فهي نذير عقوبة وهلاك.
فلم يكتف ﷺ بهذا الرد على أسامة، ولم يكتف بإقامة الحد على هذه المرأة، بل صعد المنبر ﷺ وقال: (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)، إذًا فقد كان السابقون يحابون في الحدود، وكانوا يقيمون أحكام الله على الضعفاء، وعلى أهل الوضاعة وأهل المنزلة التي ليس لها قيمة ومكانة عند الناس، وأما الشرفاء وأما أهل الشأن وعلية القوم فلهم شأن آخر، ولهم موقف آخر.
ولهذا توعد ﷺ أنكم إن فعلتم كما فعل من كان قبلكم فسوف تهلكون كما هلك من كان قبلكم، إذًا هذه المادة أيضًا من الحديث هي عن السنن الكونية في سنة النبي ﷺ.

9 / 6