أحكامها من صوم وصلاة وحج ونكاح... وغير ذلك، ولا ترجع إليهما في أمر يصل فيه الاختلاف إلى حد التنازع والاقتتال وانتهاك الحرمات!! وكأن القوم قد فتشوا جميع أقوال نبيهم وتمعنوا في آيات كتابهم فلم يجدوا ما يتعلق بأمر الإمامة من شيء فحصروا دائرة النقاش فيها بحدود عقولهم ومصالحهم.
وحتى أولئك الذين لم يستطيعوا أن ينكروا ما أثر من نص في ذلك جرتهم الأهواء لئن يلووا أعناق الكلمات أو يحرفوها عن مواضعها، وقليل هم الذين عرفوا الإمامة وعظم خطرها وما تمثله من امتداد لمسيرة النبوة وما تضطلع به من مهمة حفظ الشريعة المقدسة والقيام بتطبيقها، فلم يروا لها أهلا إلا من ارتضاه الله ورسوله وكانت سيرته شاهدة على صدق ما اختاره الله له.
وذهب القوم مشارب شتى في تعريف الإمامة والإمام وتحديد صفاته وتعيين مصداقه، كل ينهل من معين ما يعتقد به، فغرب بعض وشرق آخرون.
وحيث كانت العصمة الواجب توفرها في الإمام الذي يخلف الرسول صلى الله عليه وآله بالقيام بمهام الرسالة من أهم المباحث في هذا المجال قامت (المؤسسة الإسلامية للبحوث والمعلومات) بتوجيه ورعاية من سماحة آية الله السيد علي الناصر-دام ظله-نجل سماحة المرجع الديني المقدس آية الله العظمى السيد ناصر الموسوي الأحسائي قدس سره، بتحقيق ونشر واحد من أهم الكتب عند الطائفة الإمامية الذي دار عليه قطب الرحى طويلا لكونه منصبا في جميع مباحثه على إيراد الأدلة الدالة على وجوب عصمة الإمام عليه السلام، ولما يتميز به من موضوعية فى الطرح بعيدا عن روح التعصب المذهبي الذي كان سائدا فترة تأليفه، وأيضا لما يتمتع به مؤلفه من مكانة علمية مرموقة أشهر من أن يشار إليها.
ونحن إذ نقدم للقارىء الكريم (كتاب الألفين الفارق بين الصدق والمين) لمؤلفه العلامة الحلي قدس سره بعد أن بذلنا ما بوسعنا لتحقيقه وإخراجه بما يليق به، نأمل من القارئ العزيز أن يتحفنا بملاحظاته القيمة عسانا أن نتلافى ما يمكن تلافيه مما أوقعنا فيه قصورنا ومحدودية إمكاناتنا، والله الهادي إلى سواء السبيل.
পৃষ্ঠা ৮