ولم ير في هذا المعنى أملح مما أنشدنيه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان لابن سكرة في ابن قريعة
رأيت قلنسوة تستغيث
من فوق رأس تنادي خذوني
وقد قلقت فهي طور اتميل
من عن شمال ومن عن يمين
فقلت لها ما الذي قد دهاك
فقالت مقال كئيب حزين
دهاني ان لست من قالبي
وأخشي من الناس أن ينكروني
وان يأخذوا في مزاج معي
وان فعلوا ذاك بي قطعوني
" فصل في الكناية عن الصناعات الدنية "
سئل الشعبي عن رجل خطب امرأة فقال انه لين الجلسة نافذ الطعنة فزوج فاذا هو خياط وحكي الجاحظ عن النظام انه كان يكنى عن الحائك باخصر البطن يعني أن الخسف قد خصر بطنه " وسئل " حجام عن صناعته فقال أنا أكتب بالحديد وأختم بالزجاج " ومن أحسن " ما سمعت في هذه الكناية ما يحكى أن الفرزدق دخل على بلال بن ابي بردة وهو في ذم مضر ومدح اليمن فقال الفرزدق ان فضل اليمن لا يدفع سيما الواحدة التي بان بها أبو موسي فقال بلال ان فضائل ابي موسى كثيرة فايها تعني فقال بنفسه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غلبه دمه يعني انه كان حجمه في بعض اسفاره فقال بلال اجل قد فعل ذلك برسول الله ولم يفعل بأحد قبله ولا بعده فقال الفرزدق ان الشيخ كان اتقى لله واعلم به من ان يقدم على نبيه بغير حذق فسكت بلال وحقدها على الفرزدق وعدت في جوابات الفرزدق المسكتة " ومن نادر " ما كنى به عن الحجام ومشهوره قول عتبة الاعور لابراهيم بن سيار
يا بن الذي عاش غير مضطهد
يرحمك الله أيما رجل
له رقاب الملوك خاضعة
من بين حاف ومنتعل
أبوك أو هي النجاد عاتقه
كم من كمى أدمي ومن بطل
يأخذ من ماله ومن دمه
لم يمس من ثائر على وجل
بكفه مرهف يغلبه
يقطع أعناق سادة نبل
وأخذ الطائف بالكوفة رجلا فقال له من أنت فانشد
انا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره
وان نزلت يوما فسوف تعود
تري الناس أفواجا إلى باب داره
إذا ما مضى وفدائته وفود
فخلى عنه وحسبه ابن بعض الاشراف فاذا هو ابن باقلاي " وانشدني " أبو الفضل الميكالي لابي بكر العلاف في الزجاجي النحوي
لك ود قد جبرنا
ه فاعيانا صدوعه
فاذا ودك مما
كنت بالامس تبيعه
" الباب الخامس " " في الكناية عن المرض والشيب والكبر والموت "
" فصل في المرض "
هذا الفصل مقصور على الفاظ البلغاء من أهل العصر في الكناية عن المرض يقع في فصول هذا الباب " فمنها " قولهم خمشه الزمان وهو من قول ابي الطيب المتنبي لسيف الدولة
تخمشك الزمان هوى وحبا
وقد يؤذي من المقة الحبيب
" ومنها " قولهم عرضت له فترة أصابت عوده اشتكي الكرم لشكايته عرض له ما يجعله الله تمحيصا لا تنغيصا وتذكيرا لا نكيرا وأدبا لا غضبا عرض له ما يمحو ذنوبه ويكفر سيئاته " وكنى الصاحب " عن الجرب بقوله لابي العلاء الاسدي من أبيات
أبا العلاء مليك الهزل والجد
كيف النجوم التي تطلعن في الجلد
وسمعت الاستاذ الطبري يقول في ذكر مريض شارف التلف قد اختلف اليه رسل ابي يحيى " وكتب " ابو منصور الشيرازي في ذكر اشتداد علة بعض الرؤساء طالع الكرم يترنح يترجح نجمه بين الاضاءة والأفول وتميل شمسه بين الاشراق والغروب
" فصل في كناياتهم عن الشيب "
أقبل ليله نور غصن شبابه ذرت يد الدهر كافورا على مسكه فصص انبوبه لاح الاقحوان في بنفسجه " وأحسن " هذا كله قول الله عز اسمه وجاءكم النذير وينشد أصحاب المعاني قول بعض العرب
ولما رأيت النسر عز ابن دأية
وعشش في وكريه جاشت له صدري
والنسر كناية عن الشيب وابن دأية الغراب وكني به عن الشباب
" فصل في كنايتهم عن الاكتهال "
استبدل بالادهم الابلق وبالغراب العقعق ارتاض بلجام الدهر تفض غبرة الصبي ولبي داعية الحجى تجلل ملابس أهل العقول أدرك زمان الحنكة
" فصل في كنايتهم عن الشيخوخة "
পৃষ্ঠা ৭৭