[236]
الشىء مما لا يحلف فيه فى الجامع ، حلفت فى بيتها ، إذا كانت ممن لا تخرج ، ويجزئ فى ذلك رسول واحد يستحلفها ، ويستحلف أهل الذمة بالله فى كنائسهم ، وحيث يعظمون .
باب الحكم بين أهل الكتاب :
قال مالك فى أهل الذمة : إذا تحاكموا إلى حكم المسلمين : كان الحاكم مخيرا ، إن شاء حكم بينهم ، وإن شاء أعرض عنهم ، فإن حكم بينهم ، فليحكم بحكم الإسلام ، والتبرى أحب إليه من الحكم ، وإن تظالموا فيما بينهم : حكم بينهم ، ودفعهم عن الظلم ، وكذلك يحكم بينهم فى النفس ، والجراح ، ولا يحكم بينهم فى الربا ، وما أسبه ذلك ، وإذا رضى ظالمهم ، ومظلومهم أن يحكم بينهم فى الربا ، فترك الحكم بينهم فى ذلك خير ، فإن حكم بينهم أبطل الربا .
[236]
[237]
كتاب الشهادات
وإذا كان الشاهد مسلما ، حرا ، عدلا ، جازت شهادته ، فإن لم يعرف الحاكم بعدالته لم يقبله ، حتى يزكيه عنده شاهدان ، عدلان ، بأنه عدل رضى ، ويقولان : هو عندهما عدل رضى ، أو يقولان : هو عندنا عدل ، أو يقولان : نراه عدلا .
باب من لا تجوز شهادته :
ولا تجوز شهادة الخصم ، وهو الذى بينه وبين المشهود عليه خصومة ، ولم يصر أمرهما إلى سلامة ، ولا إلى صلح . وقيل : إذا كانت الخصومة فى الشىء اليسير ، الذى ليس مثله يوغر الصدور ، ويورث الشحناء : جازت شهاته . ولا تجوز شهادة الطنين ، وهو المتهم بغير صلاح ، وقيل : الظنين : المتهم (بالمحبة) لتمام ما شهد به . ولا تجوز شهادة جاز إلى نفسه ، ولا شهادة دافع مغرم عن نفسه ، ولا شهادة العدو على عدوه . وقيل إذا كان أصل /113/ عدواة الشاهد غضبا لله ، فشهادته له جائزة ، ولا تجوز شهادة الأبوين لأولادهما ، (ولا شهادة ولدهما لهما)
[237]
[238]
وقيل : إذا كان الابن منقطعا فى العدالة : جازت شهادته لهما ، فى الشىء اليسير ، ولا تحوز تجوز شهادة الزوجين : بعضهما لبعض ، ولا شهادة الرجل لابن امرأته ، ولا امرأة أبيه ، ولا لزوج ابنته . وقيل : شهادة الرجل لابن امرأته ، ولزوج ابنته ، ولا تجوز شهادة من هو فى عياله ، ولا تجوز شهادة السوال ، إلا فى الشىء اليسير التافه ، إذا كانوا عدولا ، ولا تجوز شهادة المغنى ، ولا المغنية ، ولا النائحة ، والنائح ، إذا كانوا معروفين بذلك . فأما الشاعر : فإن كان يهجو أناسا ويؤذيهم، إذا منع : فلا تجوز شهادته ، ولا تجوز شهادة المدمن على الشطرنج ، والنرد ، وإذا شهد الصبى الصغير ، أو العبد ، أو أسلم النصرانى ، فرد القاضى شهادتهم ، ثم كبر الصبى ، أو أعتق العبد ، أوأسلم النصرانى ، ثم شهدوا بتلك الشهادة ، وهم عدول ، لم تجز شهادتهم بعد ، وردت ، وغن تكن ردت قبل ذلك ، جازت شهادتهم .
ولا تجوز شهادة الوصى لمن يلى النظر له ، ولا تجوز شهادة من فيه بقيه رق ، ولا تجوز شهادة المحدود ، حتى يزداد خيرا ، وصلاحا ، وتحسن حاله . وقيل : إن من حد فى شىء من الحدود : لم تجز شهادته فى مثل ما حد فيه ، وإن ازداد خيرا . ومن اقتص منه ، لم تجز شهادته فى مثل ما قتص منه ، ولا تجوز شهادة شاهد الزور ، وإن تاب ، وحسن حاله ، وقيل : إذا تاب : وازداد خيرا جازت شهادته . ولا تجوز شهادة الكاذب ، ولا شارب الخمر ، ولا
[238]
[239]
المسكر ، ولا أكل الربا ، ولا صاحب قيان . ولا تجوز شهادة الأخ لأخيه فى الفرية ، ولا فى القصاص ، ولا تجوز شهادة الأخ لأخيه أيضا ، فى النكاح على أشراف قوم ، هم أشرف منه ، ولا تجريح إن جرح أخاه ، أو أباه ، أو عمه بالسفه ، فإن كان إنما جرحه الشاهد لعداوة ، جازت شهادته فى تجريح ذلك الشاهد ، ولا تجوز شهادة الحميل على المكفول به ، فيما تحمل به ، إذا كان المكفول به عديما ، وإن كان مليئا : جازت شهادته عليه ، ولا تجوز شهادة البدوى على الحضرى فى الحقوق ، والأشرية ، ونحو ذلك ، إلا أن يكون الحضرى فى سفر ، فأوصى ، باع ، وأشهد عند ذلك البدوى ، وأما فى الجراح ، والقتل :فشهادة البدوى فيها جائزة على الحضرى ، إذا كان عدلا ، وإذا كان /114/ للشاهد على المشهود له حق ، أو بيده مال قراض ، فإن كان الشاهد معدما : تجز شهادته له ، وإن كان مليئا : جازت شهادته . وقيل : إن كان يسيرا : شهادته له ، أو لغيره وقيل : تجوز لغيره ، ولا تجوز لنفسه .
ومن رأى شيئا يحال عن حاله ، فلم يقم بشهادته ، وهو حاضر دون عذر يمنعه : لم تجز شهادته ، إلا فى مثل الغاضب يراه الشهود يحتاز غير حقه ، فلا يضرهم ترك القيام بعملهم ، إذا كان المغضوب عالما بهم ، وإن لم يكن عالما بهم ، ولم يعلموه بما عندهم : فشهادتهم ساقطة ، ولا يضر المغضوب ترك القيام بحقه بطول زمان ، إذا كان عالما بشهوده ، لأنه قد علم أصل هذا الشىء : كيف كان فى يد الغاضب .
[239]
[240]
ولا تجوز شهادة الأب لابنه الصغير ، أو لابنه السفيه الكبير ، وعلى ابنه الكبير ، وتجوز شهادته لكبير على كبير ، إذا كان عدلا ، ولا يتهم بميل إليه ، وأثره له ، والمشهود عليه ليس عنده بهذه المنزلة . وقال سحنون : ولا تجوز شهادة بعضهم على بعض ، ولا تجوز شهادة القسام فيما قسموه ، لأنهم يشهدون على فعل أنفسهم ، يحوزوه . وروى ابن نافع عن مالك : أن شهادتهم جائزة ، لأنهم لم يحوزوا إلى أنفسهم بذلك شيئا .
ولا تجوز شهادة الهارب من الزحف ، حتى تعرف توبته ، ويزداد خيرا ، والفار من الزحف : مثل أن يفر من المثلين ، فإذا كان بين الشههد وبين ولد المشهود عليه عداوة : لم تجز شهادته عليه ، وقيل إنها جائزة فى الأموال ، ولا تجوز فى القصاص ، ولا فى الحدود ، ولا فى الجراحة ، إذا شهد على ولد عدوه ، أو أخيه ، أو والده ، وإذا كان العبد بين رجلين ، فشهد أحدهما على صاحبه : أنه أعتق نصيبه ، وهو منكر ، فإن كان المشهود عليه مليا : أعتق نصيب الشاهد ، لأن المشهود عليه إنما جحده قيمة نصيبه ، وإن كان المشهود عليه عديما : لم يعتق من نصيب الشاهد شيئا ، وقيل : لا تجوز شهادة واحد منهما على صاحبه _ معسكرا كان المشهود عليه أو موسرا _ ولا يمين عليه . وإذا شهد أربعة أولاد على أبيهم بالزنى : فإن الأب معدما : جازت شهادتهم ، وإن كان موسرا : لم شهادتهم ، وحدوا ، وإن كان الأب (بكرا) : جازت أيضا شهادتهم ، إذا كانوا عدولا _ مليا كن أو معدما _ ويجلد الحد ، ولا تجوز شهادة المنجم الذى يدعى أنه يعرف القضاء /115/ .
[240]
[241]
لا تجوز شهادة الذي يترك الجمعة من غير عذر ، إلا أن يكون ممن لا يتهم على الدين، لتردده إلى الصلاة وعمله ، فهو أعلم بنفسه وقيل إذا تركها ثلاثا من غير عذر ، لم تجز شهادته .
ولا تجوز شهادة الذي لا يؤدي الزكاة من ماله ، وقيل في الملي إذا مطل بالدين : لم تجز شهادته ولا تجوز شهادة من استحلف أباه ، أو جده ، ولا تجوز شهادة ولد الزنا ، في الزنا .
وروي عن مالك أن شهادة ولد الزنى : لا تجوز في الزنى ، وما جر إليه ، وما أشبه ذلك من الحدود ، وتجوز شهادة ولد الملاعنة في الزنى ولا تجوز شهادة القاضي فيما قضى به .
وإذا مات الرجل ، وترك بنين ، فشهد أحدهم أن أباه أعتق عبده : لم تجز شهادته ، ولا يعتق واحد منهم ، إلا أن يصير في ملك الشاهد : فيعتق عليه ، ويستحب له أن يبيعه ، ويجعل ثمنه في رقبة ، ويكون الولاء لأبيه ، أو يشارك به في عتق رقبة ، وإن لم تبلغ رقبة .
باب شهادة الأعمى :
وشهادة الأعمى جائزة ، إذا عرف ما شهد به ، وأثبته ، وعرف صوت من شهد عليه ، وكذلك الرجل يشهد على المرأة ، أو على الرجل ، من وراء الستر ، إذا عرف أصواتهما . والشهادة على الشهادة جائزة في الحدود ، والطلاق ، والفريه ، والأشياء كلها . وإذا شهد شاهد عدل على رجل بطلاق امرأته ، أو عتق عبده : حلف الزوج ، أو السيد ، فإن أبيا : حبسا حتى يحلفا ، فإن طال حبسهما : خلي سبيلهما ، وقيل في ذلك :
[241]
[242]
حبس سنة .
باب ستة أشياء تجوز الشهادة فيها على الاستفاضة
وانتشار الخبر من الثقات :
النكاح ، والموت ، والنسب ، والولادة ، وولاية الوالي ، وعزله .
باب ستة لا تجوز شهادتهم ، إلا إن يكونوا مبرزين في
العدالة :
شهادة الأخ لأخية ، وشهادة الأجير لمن استأجره ، إذا لم يكونوا في عياله ، وشهادة المولى لمن أعتقه ، وشهادة الصديق الملاطف لصديقه ، وشهادة الشريك المقارض ، إذا شهد لشريكه في غير ما اشتركا فيه وشهادة الذي يزيد في شهادته ، أو ينقص منها .
[242]
[243]
باب إحدى عشرة خصلة لا تجوز /115/ شهادة النساء
فيهن :
لا تجوز شهادتين في القصاص ، ولا في الطلاق ، ولا في النكاح ، ولا في العتق ، ولا في النسب ، ولا في رؤية الهلال ، ولا في الولاء ، ولا في الحدود ، ولا في التعزيز ، ولا في التزكية ، ولا في التجريح .
وقد رأى بعض أهل العلم : أن شهادتهن لا تجوز على شهادة ، ولا على وكالة في مال .
وتجوز شهادتهن في خمس خصال دوم الرجال :
في الولادة ، والحيض ، والاستهلال ، وفي الرضاع . إذا أفشى ذلك ، وفي العيوب في الإماء والأحوال التي لا يطلع عليها الرجال ، وقيل : إن شهادتهن في الولادة ، والاستهلال ، وإنما تجوز ، إذا كان البدن قائما .
[243]
[244]
كتاب الحبس والهبة والصدقة
ومن حبس حبسا ، فحيز عنه في صحته : فذلك حائز عنه ، وإن لم يحز عنه في صحته حتى مات أو مرض المرض الذي مات فيه ، فهو غير حائز عنه ، ويرجع ميراثا .
ومن حبس حبسا على من يجوز له من ولد صغير ، أو سفيه كبير أو يتيم في ولاية نظره ، فيحازته له جائزة ما لم يسكن الحبس ، أو يعتمره لنفسه ، إلا أن يكون الذي يسكن من الحبس اليسير : قدر الثلث فدون فإنه يجوز الحبس فيما سكن ، وفيما لم يسكن ، وإن كان سكن أكثر الحبس : لم يجز فيما سكن ، وفيما لم يسكن ، وإن كان حبس على كبير فسكن اليسير ، وقبض الكبير سائر الحبس ، جاز الحبس فيما سكن ، وفيما لم يسكن ، وإن كان سكن أكثر الحبس ، وقبض الكبير باقي الحبس : جاز الحبس فيما قبض الكبير، ولم يجز في الباقي الذي لم يقبض . وقيل : لا يجوز منه أيضا ما قبض ، وإذا حبس حبسا : صدقة أو حبسا لا يباع ، ولا يوهب ، أو على مجهول من يأتي ، ولم يذكر له مرجعا ، فانقرض من حبس عليه ، رجع إلى أولى الناس بالمحبس يوم يرجع - عصبته كانوا أو ولده - حبسا على ذوي الحاجة منهم ، وليس للأغنياء منهم فيه شيء ، فإن كانوا أغنياء رجع الحبس إلى أقرب الناس من هؤلاء الأغنياء ، إذا كانوا فقراء فإن لم يكن له أهل، رجع إلى المساكين .
[244]
[245]
باب الهبات ثلاث خصال :
هبة تراد بها المثوبة والمكافأة ، وهبة الوالدين لولدهما ، وهبة الواهب لصلة رحم ، أو على وجه الصدقة .
فالهبة للمثوبة : إن أثيب منها صاحبها ، وإلا رجع فيها . فإن فاتت عند /117/ الموهوب بنماء ، أو نقصان ، أو فوتها بوجه من وجوه التفويت ، لزمه قيمتها يوم قبضها . وقيل : إن زادت ، فله أن يردها إن أحب .
وإن وهب دنانير ، أو دراهم ، أو نقد ذهبا ، أو فضة ، أو حليا مكسورا ، ثم قام يطلب الثواب : لم يكن ذلك له ، ولم يقبل قوله ، إلا أن يشترط ذلك ، فتكون المثوبة غير الذهب والفضة . وأما هبة الأبوين لولدهما ، فلكل واحد منهما أن يعتصر ما وهبه إلا في اثنتي عشرة خصلة ، لا يعتصران :
وذلك إذ تغيرت الهبة عن حالها ، وإذا نكح الولد ، وإذا استحدث دينا ، وإذا مرض الواهب ، وإذا مرض الولد الموهوب له ، فإذا صح : جاز الاعتصار ، وهو قول أصبغ وقيل لا يجوز ، وإذا وهب هبة يريد بها الصلة ، أو كانت جارية ، فوطئها الابن ، أو قال : هبة لله ، أو لوجه الله أو لطلب الأجر ، أو لصلة رحم ، أو لقرابة ، وأما اعتصار الأم : فإن
[245]
[246]
كان ولدها صغيرا ، يتيما ، لم يكن لها أن تعتصر ما وهبته ، ما دام صغيرا ، ولا بعد بلوغه ، إذا وهبته وهو صغير يتيم ، وليس لواهب أن يعتصر هبة إلا للأبوين ، على ما ذكرت لك ، ولا يجوز للأبوين أن يعتصر صدقتهما على ولدهما . وأما هبة الواهب لصلة رحم ، أو على وجه الصدقة ، فلا مثوبة للواهب فيها .
والقضاء في النحلة ، والعطية ، التي لم ينعقد عليها نكاح المنحول كالقضاء في الهبة ، في جميع خصالها .
باب حيازة الهبات :
وأما الهبة للشيء يراد بها المثوبة : فيستغنى عن الحيازة فيها ومحملها محمل البيع ، وكذلك النحلة التي ينعقد عليها النكاح ، ولا حيازة فيها وقيل فيها الحيازة وأما هبة الأبوين لولدهما الكبير ، أو صدقتهما عليه . فلا تجوز ، إلا أن يقبض ذلك وتحاز في صحتهما .
وكذلك هبة الأجنبي ، وصدقته ، لا تجوز ، إلا أن يقبض عن الواهب أو المتصدق في صحتهما .
وأما هبة الوالد لولده الصغير ، أو ابنته البكر ، أو ولده السفيه الكبير ، فيحازته لهم حيازة ، إلا في هبة الدنانير ، والدراهم ، فإنه يدفعها إلى غيره ، يقبضها لهم ويشهد على هبته ، ويقبضها لهم القابض بمحضر
[246]
[247]
الشهود.
وقيل إذا عدها بعينها ، وصرها ، وختم عليها بمحضر الشهود وأشهد على نفسه بها ، فدعها من عند نفسه ، فتوجد كذلك عند موته ، فهي جائزة ماضية .
وإذا وهبهم ما يلبس ، فلم يلبسوا ، أو ما يسكن ، فلم يسكنوا ، فهي ميراث جائزة ، إلا أن يسكن اليسير على ما ذكرت لك /118/ في الحبس ، والحيازة في الصدقات ، كالحياز في الهبات سواء .
باب الهبة المشاعة :
الهبة المشاعة جائزة ، والحيازة فيها : أن يقوم الموهوب له مقام الواهب في الحصة الموهوبة ، وينزل منزلته . وإن كان الموهوب ممن يجوز عليه الواهب : جاز له هبته المشاعة ، فإن كانت في دار ، أو في ثوب فلم يسكن الدار ، ولم يلبس الثوب . فإن فعل : لم تجز هبته . وقيل : لا تجوز هبته بالمشاع لمن يجوز عليه .
[247]
[248]
كتاب العارية خصلتان
فأما عارية الحيوان : فلا ضمان على المستعير فيها ، إذا تلفت دون تضييع ، ولا تعد ، فإن ضيع ، أو تعدى : لزمه ضمانها .
وأما عارية ما يغاب عليه : فالمستعير ضامن لما تلف عنده من ذلك ، إلا أن يثبت بينة من غير تضييع ، ولا تعد ، وكذلك يضمن فيما حدث عنده في ذلك من نقصان . فإن ادعى أن ذلك النقصان حدث فيما استعار فيه : لم يصدق إلا ببينة . وقيل لا ضمان عليه ، إذا ادعى ذلك ، وأدى بما يشبه . وإذا استعار دابة ، فردها مع غلامه ، أو أجيره ، فعطبت ، أو ضلت ، فلا ضمان عليه ، إذا ادعى ذلك ، إلا أن يكون من سببهم ، أو كانوا غير مأمونين ، فيضمن إذا لم يعرف تلفها إلا بقولهم . وإذا ادعى صرف العارية على صاحبها ، فإن كانت مما يغاب عليها : لم يصدق - ببينة قبضها أو بغير بينة - فإن كانت مما لا يغاب عليه ، فالقول قوله مع يمنيه ، إذا قبضها بغير بينة ، وإن كان قبضها ببينة ، لم يبرا إلا ببينة ، ويحلف له المعير إن لم يجد المستعير بينة أو يرد اليمين .
[248]
[249]
كتاب الوديعة
وإذا دفع الرجل ما استودع إلى امرأته ، او خادمه الأمي ، يدفعان له ، أو إلى من /119/ أشبههما ، ممن يدفع له ماله : فلا ضمان عليه ، وإذا استودع الوديعة غيره : ضمنها ، إلا ان يكون لذلك وجه ، مثل : أن يكون منزله (معريا) ، او أراد سفرا ، فاودعهما ، فلا ضمان عليه ، إذا عرفت من منزله عودة ، أو سافر ، فإن ادعى صرف الوديعة : فإن كان أخذها بغير بينة : فالقول قوله مع يمينه في صرفها - كانت مما يغاب عليها أولا - لأنه أمين فيها ، وإن كان أخذها ببينة : لم يصدق في صرفها إلا ببينة ، وإن ادعى تلفها صدق ، فإن كان متهما حلف .
[249]
[250]
كتاب العرايا
العرايا في النخل ، والثمار ، مما ييبس ويدخر ، مثل العنب ، والتين ، والجوز ، وما أشبهه ، يهب صاحبها ثمرتها للرجل ، ثم يريد صاحبها أن يبتاع الثمرة من الذي أعراه إياها . والثمرة في أصولها بعد ما طابت ، فإنه يجوز له أن يشتريها بالعين ، والعوض ، نقدا ، وإلى أجل وإن كانت أكثر من خمسة أوسق ، ويشترها بالطعام نقدا من غير صنفها إذا أخذها مكانه قبل أن يتفرقا . فإن كانت خمسة أوسق فأدنى ، جاز أن يبتاعها بخرصها نقدا ، وإن كان أكثر من خمسة أوسق ، لم يصلح بيعها بخرصها إلى الجداد ولا بخرصها نقدا ويبتاعها بغير ذلك ، بما يجوز به بيع الثمرة إذا بدا صلاحها .
وإذا أعراه الفاكهة من الرمان ، والتفاح ، وما أشبه ذلك ، لم يجز له أن يشتريها بخرصها ، ويشتريها بعد ما طابت بما يجوز له شراء الثمرة ويكون سقي العرايا وزكاتها على رب المال .
[250]
[251]
كتاب الرهون
لا يجوز رهن ما لا يجوز بيعه على كل حال ، كجلود الميتة وإن دبغت وما أشبه ، لأنها لا تباع على حال .
وأما الزرع الذي لم يبد صلاحه ، والثمرة التي لم تبد صلاحها ، فرهنها جائز /120/ لأنهما ينتقلان إلى حال يجوز بيعها .
والرهن جائز في المشاع وغيره ، ولا يتم الرهن إلا أن يكون مقبوضا عن الراهن ، فإن لم يقبض عنه حتى يقوم عليه الغرماء ، أو يموت ، أو يمرض ، فصاحب الدين إسوة الغرماء .
وإذا أرهن حصة له في شيء مشاع بينه وبين غيره ، فإذا قبض المرتهن الحصة ، وحازها مع من له شرك في ذلك الشيء يليها معه وينزله بمنزلة الراهن : فذلك جائز ، وإذا رهنه حصته من شيء جميعه له . فإن المرتهن يقبض الجميع ، وإذا رهنه دنانير ، أو دراهم أو ما أشبه ذلك مما لا يعرف بعينه ، فإنهما يتواضعان ذلك عند المرتهن ، بأن يختم ، ويضع عند المرتهن ، خوفا من أن ينتفع به ، ويرد مثله .
وما ارتهن من الحيوان ، فادعى انه ضل عنه ، أو كان عبدا ، فادعى إياقه ، أو أصاب عنده ما نقصه ، فلا ضمان على المرتهن . وما ارتهن مما يغاب عليه ، فادعى تلفه فهو ضامن ، إلا ان يقيم بينة (على أن) تشهد على تلفه دون تضييع منه ولا تعد وإذا اختلف في العدد الذي رهن به المرتهن ، ولم تقم لواحد منهما بينة ، فالقول قول المرتهن ، مع يمينه ما بينه وبين قيمة الرهن .
[251]
[252]
كتاب الشركة خصلتان ، تجوز الشركة عليهما
على الأموال ، أو على الابدان ، إذا كانت الأعمال واحدة ، وفي موضع واحد .
فأما بالأموال : فإذا أخرج كل واحد منهما رأس ماله واشتركا في العمل والربح والخسارة ، على رؤوس أموالهما : جازت الشركة .
وأما الشركة على الأبدان : فإذا كان عملهما واحدا ، وفي موضع واحد جازت الشركة ، وإن كان أحدهما أفضل عملا من صاحبه ، فلا بأس بذلك ، وإذا اشترط المساواة في العمل ، وإن اشتركا على غير السوية على جزء معلوم على أن يكون على كل واحد من العمل بقدر ذلك الجزء : جازت الشركة .
باب ما تجوز الشركة به /121/ إذا أخرج كل واحد
منهما رأس ماله :
وتجوز الشركة به ، إذا أخرج كل واحد منهما رأس ماله من
[252]
[253]
الدنانير ، من سكة واحدة ، أو مختلفة ، إذا كان صرفها واحدا . وبفضل يسير ، لا قدر له : جازت الشركة ، وكذلك إذا أخرج كل واحد منهم دراهم من سكة واحدة ، أو مختلفة إذا كان صرفها واحدا ، وبفضل يسير : جازت الشركة ، وكذلك إذا اشتركا بالعروض كلها ، أو بما يكال ، أو يوزن ، من غير الطعام ، أو الشراب ، من نوع واحد ، أو أنواع مختلفة جازت الشركة ، إذا اشتركا على قدر قيمة ما أخرج كل واحد منهما ، وعلى أن يكون العمل عليهما، والربح والخسارة ، بقدر رؤوس أموالهما .
باب ما لا يجوز من الشركة :
بأن يخرج أحدهما دنانير ، والىخر دراهم ، ولا بأن يخرج كل واحد منهما نوعا واحدا ، أو مختلفا من الطعام أو الشراب . وروى ابن القاسم إذا أخرج كل واحد منهما ، اخرجا جميعا نوعا واحدا ، او صفة واحدة من الطعام أو الشراب ، أن الشركة جائزة ، ولا يجوز ان يشتركا بغير مال أو بمال قليل ، على انه ما اشترى كل واحد منهما ، فقد فوض ذلك إليه شريكه ، وهو ضامن له ، ولا يجوز أيضا على أن يخرج أحدهما مائة والثاني مائتين ، على أن الربح والنقصان بينهما بالسوية ، والعمل بالسوية عليهما ، وإذا وقعت الشركة فاسدة بالدنانير والدراهم ، وعملا فربحا أو خسرا : أخرج كل واحد منهما رأس ماله . ويضرب لصاحب بؤلك
[253]
[254]
الدنانير في الربح أو الوضيعة للعشرة الدنانير : دينار ، ويضرب لصاحب الدراهم العشرة دراهم : درهم .
وإذا وقعت الشركة فاسدة بالطعام ، وعملا ، أعطي كل واحد منهما ثمن طعامه يوم بيع /122/ فإن خلطا طعامهما قبل أن يبيعاه : أعطى كل واحد منهما قيمة طعامه يوم خلطاه .
وإذا وقعت الشركة بغير مال ، أو بمال قليل على ما تقدم نفذ بينهما ما اشتركا عليه فيما مضى وتفسخ الشركة فيما يستأنف .
وإذا وقعت الشركة بالمائة ، والمائتين ، وعملا : كان الربح والخسارة بينهما ، على قدر رؤوس أموالهما ، ويعطى صاحب المائة أجه مثله فيما اتجر فيه من المائة الزائدة مع صاحبها ، ولا يجوز أن يقعد رجل في حانوت رجل ، ويقول أتقبل عليك المتاع ، ويعمل ما أوجب ، فيما رزق الله فبيننا فإن وقع كان الربح لصاحب الحانوت ، ويكون للعامل أجرة ماله .
ولو قال : أخذ المتاع بوجهي والضمان بينى وبينك : لم يجز ، فإن وقع : كان الربح بينهما على ما تعاملا عليه ، ويكون للعامل على صاحبه أجر ما يفضله به من العمل .
[254]
[255]
باب الشركة في الأموال ثلاث خصال :
والشركة في الأموال ، يشاركه في جميع الأشياء كلها يتفاوضان في ذلك أو يشاركه في نوع من التجارة ، يتفاوضان في ذلك النوع خاصة ، أو يشاركه في شراء شيء بعينه في خاصة .
وإذا اشتركا بشركة مفاوضة في جميع الأشياء ، فما بيد كل واحد منهما على ما تفاوضا عليه ، إلا ما اقاما عليه البينة : أن أحدهما ورثه ، أو وهب له ، أو تصدق به عليه أو كان له قبل أن يتفاوضا ، أو أنه لم يتفاوضا عليه ، وأما الشريكان في النوع الواحد من التجارات ، فلا يكونان متفاوضين إلا في ذلك النوع . وما أقر به أحدهما من التجارات التي تفاوضا فيها فذلك لازم لشريكه ، إلا أن يقر لصديق ملاطف، أو لم يتهم عليه ولا يجوز له أن يصنع المعروف لغير وجه التجارة ، وأما الشريكان في الشيء بعينه فلا يجوز بيع احدهما على /123/ صاحبه ، ولا إقراره عليه ، وإنما شاهدا عليه ، ولا غير .
[255]
***
পৃষ্ঠা ৭৯