وقيل: إن بعض الملوك بلغه أن في هذا الدير نساء جميلات، فأمر بحملهن إليه ليختار منهن من يريد، فبلغهن ذلك، فصرن يصلين لدفع شره عنهن، فطرق الملك طارق، فأهلكه من ليلته، فأصبحن صياما، ولذلك يصوم النصارى صيامهم المعروف بصيام العذارى.
وقال الشابشتي: دير العذارى بين سر من رأى والحظيرة.
وقال الخالدي: رأيته وبه نسوة عذارى وحانات خمر، وذكر أنه اجتاز به في سنة عشرين وثلاثمائة، وهو عامر.
أنشد أبو الفرج والخالدي لجحظة فيه:
ألا هلْ إلى ديرِ العذارى ونظرةٍ ... إلى منْ بهِ قبل المماتِ سبيلُ؟
وهل لي بسوقِ القادسيةِ سكرةٌ ... تعلِّلُ نفسي والنسيمُ عليلُ؟
وهلْ لي بحاناتِ المطيرةِ وقفةٌ ... أراعي خروج الزِّقِّ، وهو حميلُ
إلى فتيةٍ ما شتّت العذلُ شملهمْ ... شعارهمُ عند الصَّباحِ شمولُ
وقد نطق الناقوسُ بعد سكوتهِ ... وشمعل قسيِّسٌ ولاح فتيلُ
يريدُ انتصابًا للمدامِ [بزعمه] ... ويرعشهُ الإدمانُ، وهو يميلٌ
يغنِّي وأسبابُ الصوابِ [تمدُّه] ... وليس له فيما يقولُ عديلُ
ألا هلْ إلى شمِّ الخزامى ونظرةٍ ... إلى قرقرى، قبل الممات سبيلُ؟
وثنّى يغنِّي، وهو يلمسُ كأسهُ ... وأدمعهُ في وجنتيهِ تسيلُ
سيعرضُ عن ذكري [وينسى] مودّتي ... ويحدثُ بعدي للخليلِ خليلُ
سقى اللهُ عيشًا لم يكن فيه علقةٌ ... لهمٍّ، ولم ينكر عليهِ عذولُ
لعمرك ما استحملتُ صبرًا لفقدهِ ... وكلُّ اصطباري عن سواه جميلُ
وقيل: ١٦١ دير العذارى بسر من رأى، يسكنه الرواهب إلى الآن فجعلهما اثنين.
١٦٢ قال الشابشتي: دير العذارى أسفل الحظيرة، على شاطئ دجلة، وهو دير حسن، عامر، حوله البساتين والكروم. قال.
١٦٣ وببغداد أيضًا دير يعرف بدير العذارى، فيه قطيعة النصارى، على نهر الدجاج. وسمي بذلك، لأن لهم صوما، يدوم لثلاثة أيام، قبل صومهم الكبير، وهو يسمى صوم العذارى. فإذا انقضى الصوم اجتمعوا في هذا الدير، فتعبدوا وتقربوا.
وقيل: إنه الدير الذي قال فيه أبو نواس:
دعِ الأمطارَ لعتورُ الديارا ... ودرْ عنها إلى ديرِ العذارى
١٦٤ بالحيرة أيضًا دير العذارى ١٦٥ ودير العذارى: موضوع بظاهر مدينة حلب، على نهر قويق، فيه أكثر بساتينها ولكن، لا دير فيه، ولعله كان قديما. والله أعلم.
١٦٦ دير العربة: بالصعيد من مصر، كان فيه راهب معمر. قيل: إنه تجاوز مائتي سنة، وكان طعامه الخل والزيت والخبز والعسل، وعنده علم بخظ الأولين.
١٦٧ دير العسل: في غرب شاطئ النيل بمصر، من نواحي الصعيد، وهو دير مليح، عجيب، نزه، عامر بالرهبان مقصود بالأعياد.
١٦٨ دير ابن عصرون: موضوع بظاهر مدينة حلب.
١٦٩ دير العلث: زعم قوم أنه دير العذارى بعينه، وقال الشابشتي: العلث: قرية على شاطئ دجلة، في الجانب الشرقي منها، بقرب الحظيرة، دون سامرا.
وهذا الدير راكب على دجلة، وهو من أحسن الديارات موقعا، وأنزهها موضعا، يقصد من كل بلد، وكان لا يخلو من أهل القصف ومن دخله لا يتجاوزه إلى غيره لطيبه ونزهته.
وفيه يقول جحظة البرمكي:
يا طولَ شوقي إلى ديرٍ ومسطاحِ ... والسُّكر ما بينَ خمّارِ ومَّلاحِ
والريحُ طيبَّةُ الأنفاسِ فاغمةٌ ... مخلوطةٌ بنسيمِ الوردِ والرَّاحِ
سقيًا ورعيًا لديرِ العلثِ منْ وطنٍ ... لا ديرْ حنّةَ من ذاتِ الأكيراحِ
أيامَ أيّامَ لا أصغي لعاذلةٍ ... ولا تردُّ عناني جذبةُ اللآحي
وقال فيه أيضا:
أيها الجاذفانِ، بالله جدّا ... وأصلحا ليَ الشراعَ والسُّكاّنا
بلّغاني هديتما البردانا ... [وابذلا لي] من الدنَّانِ دنانا
واعدلا بي إلى القبيضةِ [فالزَّه؟ ...؟راء] علِّي أفرِّج الأحزانا
فإذا ما أقنت حولًا نمامًا ... فاقصدا بي إلى كرومِ أوانا
وانزلا بي إلى شرابٍ عتيقٍ ... عتّقته دنانه أزمانا
واحططا ليَ الشراعَ بالدَّيرِ، بالعلْ؟ ... ثِ، لعلي أعاشر الرهبانا
وظباءً يتلون سفرًا من الإنْ؟ ... جيلِ، باكرنَ سحرةً قربانا
لابساتٍ من المسوحِ ثيابًا ... جعلَ الله تحتها أغصانا
1 / 43