وأرهفوا السمع صامتين، ثم أفاقوا من دهشتهم، فقبضوا على أيوب وهو يصيح بأعلى صوته: أنا بريء .. لم أضرب أحدا، ولم أتحرك من مكاني.
وساقوه إلى القسم، ثم أدخلوه حجرة المأمور، وأدى المخبر التحية، وقال: الجاني يا فندم.
وهتف أيوب: حرام عليك، أنا بريء.
وسأل المأمور المخبر، وهو يحدج أيوب بنظرة قاسية: أين قبضت عليه؟ - لحقت به في ميدان عابدين، جريت وراءه دون أن أرفع عيني عنه، قاوم مقاومة شديدة، ولكنني ارتميت عليه حتى أسعفني الجنود.
واستمر المأمور في طعنه بنظرته، ثم قال بحنق: تضربني يا كلب!
وهتف أيوب يائسا: أقسم بالله ...
ولكنه لطمه لطمة أسكتته، ثم أشار إلى المخبر إشارة خاصة، وهو يقول: لا تترك به أثرا يمكن أن تراه النيابة.
أحنى المخبر رأسه إحناءة الفاهم، ودفع أيوب إلى الخارج، ودعا بمعاونيه فأوثقوا يديه وراء ظهره، وانهالوا على وجهه بأكفهم وهو يصرخ من العذاب، حتى سقط مغشيا عليه.
وأفاق، فوجد نفسه مطروحا على أريكة خشبية في نطاق من الجنود، وجذبه المخبر من ذراعه، فاستجاب في إعياء وذهول، وسيق إلى حجرة المأمور، وأجلس هذه المرة أمام مجموعة من الرسميين في ملابس مدنية، وهو يشعر بأن وجهه منتفخ حتى ليوشك أن يملأ الحجرة، وكل موضع في جسده وروحه انهار انهيارا، وسأله من ظنه رئيسهم: أنت مستعد للتحقيق؟
فقال باستسلام: أنا بريء.
অজানা পৃষ্ঠা