هو يقول إن يوجد من شيء فمحال أن هذا الشيء كان مخلوقا مطبقا هذا في حق الله ما دام أنه يلزم بالضرورة أن كل ما هو كائن يتكون من الشبيه أو من اللاشبيه. وكلا الأمرين غير ممكن؛ فإنه بادئ بدء ليس تولد الشبيه من الشبيه أولى من أن يلد الشبيه نفسه؛ لأن هذا يخالف التضايف المتكافئ الذي بين المتساوين والأشباه، وثانيا ليس من الممكن أن غير الشبيه يخرج من غير الشبيه. فإذا كان - في الحق - الأقوى يخرج من الأضعف، وإذا كان الأكبر يأتي من الأصغر، والأحسن من الأقبح، أو بالعكس الأقبح من الأحسن، فيكون حينئذ الموجود يأتي من اللاموجود، وهذا محال قطعا.
45
إذن يلزم أن يستنتج من كل هذا أن الله أزلي. إذا كان الله هو سيد الموجودات فيلزم - على رأي إكسينوفان - أن يكون أيضا أحدا؛ لأنه لو كان فيه اثنان أو عدة فمن ثم لا يكون إذن سيد جميع الموجودات ولا أكبرها ما دام من ثم أن كل واحد من هذه الموجودات المتكثرة قد يكون مطلقا مشابها له تماما. إن ما يحقق الله في الواقع والقدرة الإلهية إنما هو أن يتسلط على وجه السيادة ولا يكون مسلطا عليه، أن يكون سيد الجميع وأقدرهم. وبالنتيجة ما دام أنه ليس الأقدر فإنه يفقد بنسبة ذلك شيئا من ألوهيته، وإن كانوا عدة وكان بعضهم أعلى أو أدنى من الآخرين من بعض الوجوه؛ فأولئك ليسوا آلهة بعد؛ لأن ماهية الإله ألا يعلو عليه أحد، وإن كانوا عدة متساوين فمن ثم ليس هذا بعد طبع الإله الذي هو أن يكون الأحسن؛ لأن المساوي ليس بالبداهة أقبح ولا أحسن من مساويه.
46
ولما كان الله هو حينئذ كما ذكر آنفا لزم ضرورة أن يكون واحدا، وإلا لا يمكن أن ينفذ كل ما يشاء، لا يمكنه ذلك ما دام فيه آلهة أخر، فيلزم حينئذ أن يكون أحدا.
47
ولأنه أحد فهو مشابه لذاته على الإطلاق، يرى من كل جهة ويسمع من كل جهة، وعنده جميع الجهات على مقياس واحد، وإلا لزم أن بعض أجزاء الإله تكون حاكمة ومحكومة على التناوب، وهذا ممتنع بين الامتناع.
48
ولما كان الله مشابها لذاته مطلقا ومن كل وجه لزم أن يكون فلكيا؛ لأنه ليس كذلك في جزء بعينه دون أن يكونه في أي جزء آخر، لكنه كذلك في جميع الأجزاء بلا استثناء.
49
অজানা পৃষ্ঠা