131

ومن ذلك

ما نقله البغوي في كتابه شرح السنة، يرفعه إلى أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إن فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟

قال: لا، ولكن خاصف النعل،

وكان علي (عليه السلام) قد أخذ نعل رسول الله وهو يخصفها، فقضى (صلى الله عليه وآله وسلم) أن عليا يقوم بالقتال على تأويل القرآن كما قام هو (صلى الله عليه وآله وسلم) بالقتال على تنزيله، والتنزيل مختص برسول الله، فإن الله أنزله عليه لأنواع من الحكم أرادها.

قال الله تعالى: كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد [1] وقال عز وجل: ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ... وهدى ورحمة لقوم يؤمنون* [2] وقال عز من قائل: وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين [3] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على هذه الحكم التي تنزيله طريق إلى تحصيلها يختص بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يمكن حصولها إلا بتنزيله، فمن أنكر التنزيل فقد كذب به وجحده، واتصف بالكفر، كما قال: وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون [4] وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور [5].

فأنكروا التنزيل على ما نطق به القرآن المجيد: وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء [6] فتعين قتالهم إلى أن يؤمنوا، فقاتلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن دخلوا في دين الله أفواجا، فهذا بيان القتال على تنزيله.

وأما تأويله فهو تفسيره، وما يؤول إليه آخر مدلوله، فمن حمل القرآن على معناه الذي يقتضيه لفظه من مدلول الخطاب، وفسره بما يتأوله من معانيه المرادة به فقد أصاب سنن الصواب، ومن صدف عن ذلك وصرفه عن مدلوله ومقتضاه، وحمله على غير ما أريد به مما يوافق هواه، وتأوله بما يضل به عن نهج هداه، معتقدا أن مجمله الذي ادعاه، ومقصده الذي افتراه فنحاه، هو المدلول الذي أراده الله، فقد

পৃষ্ঠা ১৩৬