لامر واحد على وجه واحد ويدل على ذلك ايضا انه لو كان مريدا للقبيح لوجب ان يكون على صفة نقص وذم ان كان مريدا بلا ارادة وان كان مريدا بارادة وجب ان يكون فاعلا للقبيح لأن ارادة القبيح قبيحة ولا يكون كذلك كما في الشاهد كما لا خلاف في قبح الظلم من احدنا وقد دل السمع من ذلك على مثل ما دل عليه العقل قال الله عزوجل * (وما الله يريد ظلما للعباد) * وفي موضع آخر * (وما الله يريد ظلما للعالمين) * وقال تعالى * (كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها) * وقال تعالى * (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) * ونعلم ان الكفر اعظم العسر وقال تعالى * (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) * فإذا كان خلقهم للعبادة فلا يجوز ان يريد منهم غيرها وقال * (ولا يرضى لعباده الكفر وتشكروا يرضه لكم) * (فصل) وقد سئل أهل العدل المجبرة عن مسألة الزموهم بها ما لم يجدوا فيه حيلة وذلك انهم قالوا لهم اخبرونا عن رجل نكح احدى المحرمات عليه باحد المساجد المعظمة في نهار شهر رمضان وهو عالم غير جاهل اتقولون ان الله تعالى اراد منه هذا الفعل على هذه الصفة قالت المجبرة بل الله اراده قال لهم أهل العدل اخبرونا عن ابليس اللعين هل اراد ذلك ام كرهه قالت المجبرة بلى هذا إنما يريده ابليس ويؤثره قال لهم أهل العدل فاخبرونا لو حضر النبي صلى الله عليه واله وعلم بذلك اكان يريده ام يكرهه قالت المجبرة بل يكرهه ولا يريده قال لهم أهل العدل فقد لزمكم على هذا ان تثنوا على ابليس اللعين وتقولوا انه محمود لموافقته ارادته لارادة الله عزوجل وهذا ما ليس فيه حيلة لكم مع تمسككم بمذهبكم وقد كنت اوردت هذه المسألة في مجلس بعض الرؤساء مستطرفا له بها وعند جمع من الناس فقال رجل ممن كان في المجلس يميل الى الجبر ان كان هذه المسألة لا حيلة للمجبرة فيها فعليكم انتم ايضا مسألة لهم اخرى لا خلاص لكم مما يلزمكم منها (فقلت) وما هي قال يقال لكم إذا كان الله تعالى لا يشاء المعصية وابليس يشاؤها ثم وقعت معصية من المعاصي فقد لزم من هذا ان تكون مشيئة ابليس غلبت مشيئة رب العالمين فقلت له إنما تصح الغلبة عند الضعف وعدم القدرة ولو كنا نقول ان الله تعالى لا يقدر ان يجبر العبد على الطاعة ويضطره إليها ويحيل بينه وبين المعصية بالقسر والالجاء الى غيرها لزمنا ما ذكرت وإلا بخلاف ذلك وعندنا ان الله تعالى يقدر ان يجبر عباده ويضطرهم ويحيل بينهم وبين ما اختاروه فليس يلزمنا ما ذكرتم من الغلبة
--- [ 46 ]
পৃষ্ঠা ৪৫