لا يقدح فيه كلام من تكلَّمَ فيه لأنَّه لا حُجَّةَ مع أحدٍ يمَلَّم فيه. وقد يحتمل أن يكون مالك جَبُنَ عن الرواية عنه لأنَّه بَلَغَهُ أن سعيد بن المسيِّب كان يرميه بالكذب؛ ويحتمل أن يكون لما نُسب إلى رأي الخوارج، وكُلُّ ذلك باطل عليه إن شاء الله.
٦٠ - وقال أيضًا: وأما قول سعيد بن المسيب فيه؛ فقد ذكر العلَّة الموجبة للعداوة بينهما أبو عبد الله محمَّد بن نصر المروزي في كتاب "الانتفاع بجلود الميتة"، وقد ذكرت هذا وأسبابه في كتاب "جامع بيان أخذ العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله" (١)، في باب: "قول العلماء بعضهم في بعض".
وقد تكلَّم فيه ابن سيرين، ولا خلاف أعلم بين ثقات أهل العلم أنه أعلم بكتاب الله من ابن سيرين. وقد يَظُنُّ الِإنسان ظنًّا يغضب له ولا يملك نَفْسَه.
وقال أبو عمر أيضًا: وزعموا أن مالكًا أسقط ذكر عكرمة منه -يعني حديث ابن عباس في الهلال- لأنه كره أن يكون بكتابه، لكلام سعيد بن المسيِّب وغيرِه فيه، ولا أدري صحَّةَ هذا؛ لأن مالكًا ذكره في كتاب الحج وصَرَّح باسمه ومال إلى روايته عن ابن عباس، وتَرَكَ رواية عطاء في تلك المسألة، وعطاء أجَلُّ التابعين في علم المناسك والثقة والأمانة.
٦١ - وقال أبو جعفر محمَّد بن جرير الطبري: والصوابُ من القول عندنا -في عكرمة وفي غيره ممن شُهِرَ في المسلمين بالصلاح والستر- أنه جائز الشهادة، مستحق الوصف بالعدالة من أهل الإِسلام،
_________
(١) وهو كتابه المشهور المطبوع مرارًا.
1 / 34