ولعل أكثر الأمثلة توضيحا لأهمية الصناعة والموقع الجغرافي على المحيطات الثلاثة على حجم التجارة التي تتعامل فيها الموانئ هو أن نيويورك (+ 30 مليون طن) فيلادلفيا وبلتيمور (+ 25 مليون طن) تقع على الساحل الشرقي وفي المنطقة الصناعية الكبرى في الولايات المتحدة، بينما يصبح حجم التجارة في سان فرانسسكو ولوس أنجيلوس - وهما على الساحل الغربي للولايات المتحدة بعيدا عن المركز الصناعي الأمريكي - أقل من ذلك بكثير.
خريطة 4-1
وفي المجموع هناك حوالي 150 ميناء كبيرا في العالم (حجم التجارة السنوي يزيد عن مليونين من الأطنان) منها حوالي الثلثين مركزين على شواطئ المحيط الأطلنطي والبحر المتوسط (انظر الشكل
4-2 ).
وتختلف الموانئ فيما بينها اختلافا كبيرا؛ فميناء سوثهامبتون مثلا ذو مياه عميقة ويمكنه أن يستقبل سفنا ضخمة (إلى حدود غاطس قدره 40 قدما)، بينما ميناء روتردام لا يستطيع أن يستقبل مثل هذه السفن الضخمة (إلى حدود غاطس قدره 33 قدما فقط). وليس معنى هذا أن ميناء سوثهامبتون أكثر حركة من روتردام، بل العكس صحيح. وعلى أية حال فإن سفن البضاعة الكبيرة ومعظم سفن الركاب لا يزيد غاطسها عن 20-25 قدما. وهناك كثير من سفن البضائع المتوسطة والصغيرة لا يزيد غاطسها عن 15 قدما.
كذلك لا يعني حجم التجارة التي يتعامل فيها الميناء أن السفن التي تزور هذا الميناء من نوع كبير أو صغير؛ فقد دلت الدراسات على أن الكثير من السفن الصغيرة هي التي ترفع حجم التجارة في الميناء؛ لأنها أكثر ترددا على الموانئ من السفن الكبيرة التي تستغرق وقتا أطول في ترددها لارتباطها بخطوط أو بحمولات كبيرة تذهب بها بعيدا عبر المحيطات، فمن بين 12 ألف سفينة دخلت ميناء إنفرس البلجيكي عام 1938 كانت هناك سبعة آلاف سفينة أقل من ألفي طن، وأقل من مائة سفينة أكثر من ثمانية آلاف طن. وكذلك في أوائل الستينيات دخلت روتردام 25 ألف سفينة حمولتها 64 مليون طن، في الوقت الذي دخلت فيه لندن 55 ألف سفينة حمولتها 88 ألف طن، وهذا يعني أن السفن المتعاملة مع روتردام أكبر من تلك في لندن.
وقياس أهمية الميناء أمر صعب. وهناك مقياس وزن الحمولة التي تشحن وتفرغ في الميناء من البضائع، لكن هناك سلعا معينة ذات حمولة عالية وموانئ معينة تتعامل فيها؛ مثال ذلك سفن نقل خام الحديد في البحيرات العظمى الأمريكية، ولو أخذنا هذا المقياس لوجدنا أن ميناء دولوث مثلا سوف يصبح حجم التعامل فيه أعلى أو مساويا لميناء لندن أو نيويورك؛ ولذلك يفضل أن يستخدم مقياس يعتمد على أساس الوزن الصافي للسفن الداخلة والخارجة من الميناء. ويسمح هذا المقياس بضم كل السفن سواء سفن الركاب أو غيرها دون تمييز، وبذلك يعطي صورة أصدق لحركة الميناء البحرية.
وتختلف الموانئ فيما بينها في شكل الإدارة التي تتولاها؛ فهناك موانئ تديرها الحكومات؛ مثل موانئ مصر وفرنسا وإيطاليا وعدد من دول الكومنولث البريطاني. وبعض الموانئ خاضعة لإشراف المجالس البلدية، وهو يمثل عددا قليلا من الموانئ (مثل ميناء بريستول في إنجلترا). وهناك الموانئ الأمريكية التي تختلف فيها إدارة الموانئ من شركات خاصة إلى اشتراك بين الشركات والبلديات والدولة أو الولاية، فمثلا ميناء نيويورك تشترك في إدارته هيئة مشتركة تضم ولاية نيويورك وولاية نيوجرسي ومجلس بلدية نيويورك. وفي الماضي كانت بعض شركات السكك الحديدية تمتلك الموانئ ومنشآتها، كما كان في بريطانيا حتى عام 1047، وفي الولايات المتحدة ساهمت شركات السكك كثيرا في إنماء الموانئ (مثل فيلادلفيا وبلتيمور)، ولكنها لم تملك مثل هذه الموانئ. (6-3) تصنيف الموانئ من الناحية الوظيفية
تنقسم الموانئ من الناحية الوظيفية إلى عدة أقسام، ولكن علينا أن نعرف منذ البداية أن هذه الأقسام لا تمنع تعدد الوظائف في الميناء الواحد، كأن يكون ميناء حربيا وتجاريا في وقت واحد، ولكننا نصف الميناء غالبا بوظيفته الأولى، وفي أحيان كثيرة يصعب علينا إعطاء صفة واحدة للميناء من حيث وظيفته، لتفاعل عدة وظائف معا في الميناء الواحد، وبدرجات شبة متكافئة، ومع ذلك فإنه لا بد لنا من أن نوضح بعض الوظائف الأساسية في أنواع الموانئ لنعرف شيئا عن ارتباطات الوظيفة بشكل الميناء وحركته. (أ) الموانئ الحربية
إن الوظيفة الأساسية لميناء حربي أو قاعدة بحرية كبيرة استراتيجية في جوهرها، وأهم الاحتياجات في مثل هذا الميناء هو مرسى واسع، وفي القاعدة البحرية الكبيرة نجد أيضا مراسي عديدة واسعة، إلى جانب عدد كبير من تسهيلات الإصلاح مثل الأحواض الجافة، وربما أيضا (في عدد قليل من الموانئ الحربية) ترسانة خاصة لبناء السفن الحربية بأنواعها المختلفة أو تخصص في بناء نوع واحد من أنواع هذه السفن، وتجهيزات عسكرية خاصة بتسليح هذه السفن.
অজানা পৃষ্ঠা