ورجونا أن يكون يعسوب الدين قد ضرب بذنبه، ولسان الحق المبين قد جأر إلى ربه فأجاب الله دعوته بالإعزاز وأتم وعده بالإنجاز[13/ب] الإجمال، وأظهره بعد الإخمال وابتعثه بعد الإذلال، وكثره بعد الإقلال، باجتماع كلمة أهل بيت نبيه وسلالة بضعته ووصيه، يظهرونه في حرم الله الأمين ويقيمون به عمود التقوى وعز المسلمين، ويذل به الكافرين والفاسقين، ويحكمون فيه بكتاب الله رب العالمين، وتشبع بهم البطون الجائعة، وتكسى بهم الظهور العارية، وترد بهم الظلامات، وتنفى بهم المفاحشات، وتطفى بهم نيران الجور، وتسطع بهم أنوار العدل. لما طالت أيام هذه الدولة الظالمة، وامتد الإمهال لهذه الفرقة الآثمة، وتراكمت منهم الفتن، وحل ما ارتكبوه من تعطيل الكتاب والسنن، وانتهى بهم الأمر إلى هتك حرم الله المؤتمن وانتشرت في الناس البدع انتشارا، وبدت الأعلام التي توجب أن ينتصر الله لدينه انتصارا، ويبعث أنصارا، وظهر السفاح وخمل النكاح، وعلت الرونبضة(1) للناس، وشربت الخمور، ونكحت الذكور، وارتكبت الشرور، وأكل الربا، وقبلت الرشا، وتسابق الناس ف(2)ي ميدان الهوى، وعسف السلطان، وبهج الشيطان، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصدق ما ورد عن سيد الوصيين من الأثر:" أول ما تغلبون عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأيديكم ثم بألسنتكم، ثم بقلوبكم، فإذا لم ينكر القلب المنكر ويعرف المعروف نكس فجعل أعلاه أسفله، لذلك سلطت الأشرار وأمهلت الفجار، ووفى قسم الرسول المختار -صلى الله عليه وعلى آله الأطهار(3): ((تأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيسومونكم سوء العذاب ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم حتى إذا بلغ الكتاب أجله كان الله هو المنتصر لنفسه ثم يقول ما منعكم إذ رأيتموني أعصى أن تغضبوا لي))(4).
পৃষ্ঠা ৩২