القول الثاني: وقال أبو الهذيل ومن بقوله: الجزء الذي لا يتجزأ صحيح وأنه يلقى مثله من الأرض وأن فيه عرض افتراق إذا كان وحده.
الدليل على ذلك: انه لما نظر إلى الجسم متحركا ساكنا متغيرا عليه، علم أن تغيرهما لمعنى غيرهما ولون طبيعة دورتها ثم طولتها فاختلفت في النظر، كان اختلافها لعلة الطول، فإذا ثبت الطول ثم يطل آخر لا يتجزأ فمن أجل ذلك أنكرت الجزء وله طول.
قال المتأمل: وهذا يوافق ما ذكرناه عن أبي المنذر، والله أعلم.
القول الثالث: قال معمر: إن الجزء الذي لا يتجزأ هو الحق، وإنه في العالم مدبر وليس في العالم بمجزئ.
ودليل على ذلك: لما استحال أن يكون الفعل من فاعلين ثم وجد الحركة كان لكل جزء في نفسه حركة لاستحالة الفعل من فاعلين، ومحال أن يكون في مكان شاغلا له، لآن التشاغل جسم ومحال أن يكون جسما.
قال المتأمل: أما إثباته الجزء الذي لا يتجزأ فقد وافق فيه، وأما بقية كون الجسم لا في مكان فهو خلاف ما نقوله، والجزء فلا ينفك مع وجوده من المكان.
الدليل على ذلك: أن الجزء لا يخلو أن يكون متحركا أو ساكنا، فإن كان ساكنا فلا ساكن إلا في مكان، إذ لا معنى للسكون إلا اللبث في مكان على ما بينا. وأن كان متحركا فلا معنى للحركة إلا النقلة من مكان إلى مكان فلم يخل في هاتين الحالين من لزوم المكان، والله أعلم.
القول الرابع: وقال ضرار (2): الجزء لا يتجزأ وهو نفسه له ست جهات.
قال المتأمل: وهذا قولنا غن شاء الله، وفال بشير بن المعتمر (3): إنا نقف ولا ندرى يتجزأ أم لا لفساد المعنيين جميعا، عالم ذلك عند الله عز وجل.
الباب الرابع عشر
باب بيان الدليل على حدث الجزء وهو الجوهر
পৃষ্ঠা ৩৯