ومنها: أن البيت الشريف يفتح فيدخله الجم الغفير من الناس متزاحمين فيسعهم بقدرة الله تعالى، ولم يعلم أن أحدا مات فيه من الزحام إلا ما وقع فى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة كما نقله المؤرخون، فإنه مات فيه أربعة وثمانون نفرا.
قال العلامة ابن النقاش: والكعبة تسع ألف إنسان وإذا فتحت أيام الموسم دخلها آلاف كثير. قال الجد بوأه الله دار كرامته: فعلى هذا إنها تتسع كما ورد أن منى تتسع كاتساع الرحم.
(ومنها) ما أخرجه الفاكهى فى «تاريخ مكة» بسنده إلى عبد الله بن بكر السهمى عن أبيه أنه قال: جاورت بمكة فعابت أسطوانة من أساطين البيت، فأخرجت وأتى بأخرى ليدخلوها مكانها فطالت عن الموضع وأدركهم الليل، والكعبة لا تفتح ليلا، فتركوها ليعودوا من غد فيصلحوها، فجاءوا فى الغد فأصابوها أقوم من قدح (1).
قال العلامة ابن حجر: وهذا إسناد قوى رجاله ثقات، وبكر هو ابن حبيب من كبار التابعين. وكانت هذه القصة فى أوائل دولة بنى العباس، والأسطوانة من خشب والله أعلم.
وعابت فيما رواه الفاكهى بالعين المهملة والموحدة- وقدح- بكسر القاف وبالحاء المهملة هو السهم.
(ومنها) كما نقل عن الجاحظ أن الفرقة من الطير من حمام وغيره تقبل حتى إذا كادت أن تبلغ الكعبة انفرقت فرقتين فلم يعل ظهره شىء منها (2).
ونقل عن جمع من العلماء منهم العز بن جماعة ومكى رحمهما الله، أن ما عوين من ارتفاع الطبر على البيت فللاستشفاء. وأنشدوا فى معنى ذلك:
والطير لا يعلو على أركانها
إلا إذا أضحى بها متألما
قال ابن عطية (رحمه الله): والقول بأن الطير لا يعلو ضعيف، فإنه يعاين يعلوه، وقد علته العقاب التى أخذت الحية المشرفة على جداره، وتلك كانت من آياته. انتهى (3).
পৃষ্ঠা ৫৮