ولو جاز ذلك لجاز أن يقال: لم يزل الله مثيبا لمثاب، ومعاقبا لمعاقب، فلما لم يجز ذلك وكان المعاقب خلقا استحق بمعصيته، والمثاب خلقا استوجب بعمله، وكله حدث أحدثه الله وكونه، فالله خالقهم ومخرجهم من العدم إلى الوجود، فسد ما قالوا بأنه لم يزل مثيبا ومعاقبا، وذلك كان بعد أن لم يكن.
فأما إن قال: إن الله تعالى لم يزل وهو المثيب والمعاقب، والمتولي والساخط فذلك جائز.
مسألة: [الله عالم بأسماء أهل الجنة وأهل النار]
- وسأل فقال: قد قيل: إن أصل ما أجمع عليه أهل الصلاة أن الله لم يزل عالما بأسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وعشائرهم وقبائلهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم، وبأسماء أهل النار وأسماء آبائهم وعشائرهم وقبائلهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم، ليس عند /33/ أهل الصلاة في هذا اختلاف؟
قيل له: نعم، هو كذلك، هو العالم بخلقه وبأعمالهم، وما تجري عليه أمورهم، ومن يطيعه منهم ومن يعصيه، ومن يستحق الجنة ومن يستحق النار بعمله، وعلى علمه كانت أعمالهم، وعلى ما علم من أعمالهم الصالحة أثاب أهل الجنة، وكذلك أهل المعصية، ولا محالة عما علم الله؛ لأنه لم يزل العالم بما يكون قبل كونه وبعد كونه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، سبحانه وتعالى.
فإن قال: وما عداوة الله للكافرين؟ قوله: {إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا}، وقال: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملآئكة والناس أجمعين * خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون}.
পৃষ্ঠা ৪৫