قيل لهم: فإن الذي أقررتم به لا يعدو أن يكون الله -تبارك وتعالى- إنما عنى أنه ليس كمثله شيء في القبل والقدم، وإن كان لبعض خلقه مشبها في الصفة والمعنى، أو يكون عنى ليس كمثله شيء في القبل والاسم، وإن كان لبعض خلقه مشبها في الصفة، تعالى الله عن ذلك في الصفة والمعنى، أو يكون عنى بذلك ليس كمثله شيء في المعنى كله والصفة.
فإن قالوا: في المعنى كله من الصفة والقدم والقبل والاسم فليس كمثله شيء، وقد انقطعت حجتهم فيما شبهوا الله في بعض كلامهم، وما أضافوا إليه من شبه خلقه؛ ولأن كل من وقع عليه المعنى مخلوق، فقد انتفى الله من ذلك.
مسألة: [في معنى التشبيه]
- وسأل فقال: ما معنى التشبيه؟
قيل له: هو أن يشبه الله ببعض خلقه فيما يصفه به أنه يبصر ببصر، أو يسمع بسمع، أو يعلم بعلم كالخلق، فذلك التشبيه. ولأن الله تعالى ليس كالخلق، وإنما ذكر أنه هو السميع البصير العليم.
فإن قال: هو علم وسمع وبصر.
قيل لهم: ولا يوصف بذلك؛ لأنه لم يصف نفسه أنه سمع، ولا أنه بصر، ولا أنه علم، ولا دعاه بذلك أحد من المسلمين.
وإنما قال /30/: {إنه هو السميع البصير}، ولا تشبهوا الله بشيء من المخلوقات، ولا تجعلوا أن له علما مثل علم خلقه؛ لأن علم خلقه محدث، وهو غيرهم به علموا، وعلمهم غيرهم وهو مخلوق، والله لم يزل عالما بلا استفادة، فلا يشبه بخلقه في ذلك ولا في شيء من حالاتهم؛ لأنه الخالق لهم، فلا يخفى عليه شيء من أمورهم كما قال: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}.
فإن قال: فالعلم والقوة واحد؟
قيل له: قد وصف نفسه بذلك بأنه العالم، وأنه ذو القوة، وهو واحد لا يختلف، والعلم والقوة مما وصف نفسه بذلك أنه العالم ذو القوة.
فإن قال: أيقوى على أن يذهب بالدنيا ويجيء بالآخرة؟
পৃষ্ঠা ৪১