قيل له: قد وصف نفسه بأنه الأول، فلما كان هو الأول قبل كل شيء، وكان الأول هو الأول المتقدم قبل خلقه سمي قديما بمعنى المتقدم الأول قبل كل شيء، وقد سماه بذلك المسلمون.
وقد قال في كتابه ما يدل على صحة ذلك، قال: {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم}، وذلك أن الهلال يبدو كالخيط أعوج كعسق النخل، فلا يزال يمتلئ حتى يكمل ثم يرجع /29/ ينقص حتى يرجع إلى الحال الأولى، فسماه الباري أنه قدره منازل حتى رجع أعوج كما كان العرجون الأول أعوج، وسماه العرجون القديم بمعنى الأول، وكل شيء متقدم لشيء بعده فهو يسمى القديم، فلما كان الله هو الأول قبل خلقه سمي قديما؛ لينفي عنه بذلك الضد الحديث عنه، إذ لا ضد له؛ ولأنه إذا لم يكن قديما كان حديثا، والحديث خلقه، فهو عن الله منفي، تعالى الله عما يقول المفترون.
قال: وكذلك معنى قوله: لم يزل؟
قيل له: وبصفاته يوصف، لم يزل ينفي الحديث عنه في الأزل، وأنه لم يزل بلا ابتداء له ولا انقضاء، وأنه الأول لم يزل ثم أحدث الأشياء، فهي محدثة، والله أحدثها وهي عدم، وأنشأها ولم تكن، فهو لم يزل قبلها ولا يزال بعدها، ليس كمثله شيء من صفات الخلق، ولا من معانيها، وإن اشتبهت الأسماء في مسمياتها فلم تشتبه في الأجسام.
مسألة: [الحجة على من شبه الله ببعض خلقه]
- وسأل فقال: ما الحجة على من شبه الله ببعض خلقه، ممن ضاهى بقوله قول الكافرين قبله؟
قيل له: الحجة عليه قول الله: {ليس كمثله شيء}، وإنما قصد الله بذلك قصد خلقه، فانتفى أن يكون يشبه منه شيء.
فإن قالوا: نعم، قد انتفى من ذلك.
পৃষ্ঠা ৪০