وكذلك -أيضا- كان رسول الله ^ وأصحابه لم يكونوا يتولون من ركب ما حرم الله عليه، ألا ترى أن الله قد أنزل في كتابه في: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم}. ثم قال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم}، وقال: {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم}، وإنما هم لمزوا المطوعين من المؤمنين.
وأمثال هذا، مما يدل فيمن ركب معاصي الله ، أو طعن على المسلمين في دينهم، وفي الذين سماهم الله بالفسق، وقال: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون}. وقد أوجب عليهم ما قد قدمنا تلاوته.
هذه سيرته فيمن أحدث في عصره ^، وسار المسلمون في أهل الأحداث من بعده سيرة معروفة.
فإذا كان الإمام إمام هدى وليس معه /149/ محدث يظهر حدثه كما كان أبو بكر وعمر كانت الدعوة دعوة النبي ^، ومن أظهر حدثه أقيم عليه حد ما أتى.
فأما إذا كان الإمام إمام ضلال والكفر ظاهر يدان به على المنابر، ويدعى إليه في المساجد، وينصب دينا ويبرأ ممن خالفه، ويستحل دمه لم يتول أحد، ولم يثبت له اسم الإيمان حتى يعلم منه إيمانا يتولى عليه، أو كفرا يبرأ منه عليه.
ولولا ما وسع الله من التقية لكان العدل بتكفير من أقر للمستحلين، وسلم لحكمهم، وأمن بين ظهرانيهم حتى يظهر الخلاف لهم، ويخرج من بين أظهرهم، ولكن الله وسع في التقية، فقال: {إلا أن تتقوا منهم تقاة}.
পৃষ্ঠা ২০৬