قال الله تعالى: ? { يخادعون الله والذين آمنوا } (¬1) فذكر أنهم يخادعون الله، وإنما يخادعون رسوله. وكقوله عز وجل: { ?من شر الوسواس الخناس } ?، فذكر الوسواس، والوسواس هو الفعل، والفعل ليس له شر، وإنما الشر للفاعل، فذكر الوسواس وأراد الموسوس وهو إبليس لعنه الله. وهو مثل قوله جل ذكره: { ?ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء } (¬2) فذكر الناعق وأراد المنعوق به، وإنما أراد ذكر الداعي وأراد الدواب؛ لأن بهم ضرب المثل، والعرب إذا أرادت ذكر الشيء قد تجريه على اسم ما يقرب منه أو سببه. وكذلك قوله تعالى: ? { ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة } (¬3) فذكر أن المفاتيح تنوء بالعصبة، وإنما العصبة هي تنوء (من) المفاتيح؛ لأنها تجد ثقلها والله أعلم.
وكذلك قوله جل اسمه فيما حكى عن موسى عليه السلام أنه قال: { ?فعصيت أمري ؟ } (¬4) والأمر لا يعصى، وإنما يعصى الآمر. وقوله جل ثناؤه: { وجاء ربك والملك صفا صفا } (¬5) أي جاء أمره والله أعلم. ونحو قوله: ? { ملاقوا ربهم } (¬6) وقوله: ? { إلى يوم يلقونه } (¬7) وإنما يلقون ما وعدهم من خير وشر "ولو ترى إذ وقفوا على ربهم" (¬8) وهو يعني على ما وعدهم ربهم. ويدل على ذلك قوله: { ?أليس هذا بالحق؟ قالوا: بلى وربنا } (¬9) وكذلك قول الناس: من مات فقد لقي الله أي لقي جزاء عمله، وقد أجمع الناس على صحة الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أن "من حلف على يمين ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان". (¬10)
¬__________
(¬1) البقرة: 9.
(¬2) البقرة: 171.
(¬3) القصص: 76.
(¬4) طه: 93.
(¬5) الفجر: 22.
(¬6) البقرة: 46.
(¬7) التوبة: 77.
(¬8) الأنعام: 30.
(¬9) الأنعام: 30.
(¬10) رواه أبو عبيدة عن جابر بن زيد بهذا اللفظ "من خلف يمينا على مال امرئ مسلم ليقطعه لقي الله وهو عليه غضبان ".
পৃষ্ঠা ৬৫