فإن قال: فلم نهيتم المؤمن عن مجالسة الظالمين وأهل السفه في حال منكرهم وخوضهم وباطلهم؟ قيل له: إن الله عز وجل قد نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن مجالستهم بقوله عز وجل: ? { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء } (¬1) بعد الإنكار عليهم والموعظة لهم، ويدل على ذلك قوله عز وجل: ? { ولكن ذكرى لعلهم يتقون } ، وقال تبارك اسمه في موضع آخر: { ?فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم } (¬2) . وقال جل ذكره: { ?والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما } (¬3) زعموا والله أعلم أنهم يعرضون عنهم وينكرون عليهم، ومعنى قوله: { ?لا يشهدون الزور } ?أي لا يشاهدون أهله ولا يجالسونهم في حال ذلك منهم، وإذا جازوا بهم أعرضوا عنهم، وإن أمكنهم أنكروا عليهم، بالوعظ لهم والتخويف والله أعلم. فإن قال قائل: فإن كان منكرهم بدعة عن أحد أهل المذاهب هل يحضر مجالسهم؟ قيل له (¬4) : إن حضر لمناظرتهم مع الرجاء أنهم يقبلون منه أو يقبل منه أحد منهم أو بعض من يحضرهم فجائز، فإن قال: فإن كانوا في المسجد؟ قيل له: يكون في عزلة من ذلك المسجد إذا كان ينتظر الصلاة، ويظهر مع ذلك الكراهية لما هم عليه. فإن قال: فلم (¬5) لا يجوز أن ينكر الواحد على الجماعة؟ قيل له: ليس عليه أن ينكر على الجماعة إلا عند الطمع (¬6) الغالب عليه والأمن على نفسه وإنهم يقبلون منه إلا أن يكون قادرا عليهم.
¬__________
(¬1) الأنعام: 68 69.
(¬2) النساء: 140.
(¬3) الفرقان: 72.
(¬4) غير موجودة في (ج).
(¬5) في (أ) فلما.
(¬6) في (أ) طمع.
পৃষ্ঠা ১১৮