هي في الواقع نسخة محررة موثقة لمتون الصحيحين، تولى حافظ متقن محقق مدقق تفلية كلماتها، وتوثق من جملها، وروى أصولها عن مؤلفيها بحدثنا وأخبرنا، ثم انتظمها في كتابه هذا كما تنتظم درر الجواهر في أسلاك الذهب.
٣ - أما ترتيبه فقد سدد فيه هذا الإمام غاية التسديد؛ حيث قَفَى فيه إمام هذا الشأن أبا الحسين مسلم بن الحجاج الذي عُدَّ ترتيبه لصحيحه من أعظم ميزاته كما قال الإمام النووي عن الإمام مسلم: ومن أكبر الدلائل على جلالته وإمامته وورعه وحذقه وقعوده في علوم الحديث واضطلاعه منها وتفننه فيها: كتاب الصحيح الذي لم يوجد في كتاب قبله ولا بعده من حسن الترتيب وتلخيص طرق الحديث ....، فلا نظير لكتابه في هذه الدقائق وصنعة الإسناد، وهذا عندنا من المحققات (١).
وقال الحافظ ابن حجر: حصل لمسلم في كتابه حظ عظيم مفرط لم يحصل لأحد مثله، بحيث إن بعض الناس كان يفضله على صحيح محمد بن إسماعيل؛ ذلك لما اختص به من جمع الطرق وجودة السياق .... (٢).
ولذا فقد بقيت ميزة صحيح مسلم هذه مضمنة في كتاب عبد الحق لأنه سار على سِيَاقة مسلم وترتيبه.
ثم إنه عمد إلى روايات البخاري فألحقها بمواضعها المناسبة لها من أبواب مسلم، وقد أحسن في إلحاق أفراد البخاري في مواضعها من كتابه
_________
(١) "تهذيب الأسماء واللغات" (٢/ ٩٠).
(٢) "تهذيب التهذيب" (١٠/ ١٢٦).
مقدمة / 27