على ما رجوناه، (وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) 1.
فكيف أشكر أنا مولى هذا بعض ما أولاه، ومن أين أجد الذخائر التي تعينني على شكر أسداه، وما معي شئ من سواه، ولقد استوعب حق هذا المولى الأعظم زمان الامكان، فما بقي مع العبد مكان لادخال حق نفسه، فشكر ذلك الاحسان، فان اعترف بقلبه بنعم ربه فعلم ذك القلب وقوته من فضل مولاه ومن تمكينه. وان حمد عظيم احسانه بلسانه فقدرة ذلك اللسان من طول ما أعطاه أو من تلقينه فلما رأيت أن هذا حالي كررت التعوذ بما لك آمالي بما هداني إلى مسالك سؤالي في أن يعتدلني من خطر اختياري، ويسيرني كيف شاء في براري صحارى ايثاره لايثاري، وان يفقرني من غنى امكاني باشتغال تعظيم شأنه عن حقر شأني.
وأشهد له جل جلاله بالربانية الوحدانية والشهادة موادها وورودها على منه، وأشهد أن جدي محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله وأفضل من أخبر عنه وأشهد أن اختلاف طبايع العباد لا يستغنى أبدا عن نايب بينهم في البلاد، يوقظهم من وبيل الرقاد ويسلك بهم سبيل الرشاد، تصديقا لقوله جل جلاله:
(إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) 2.
وأشهد أن الهادي إليه إذا لم يكن معصوما مأمونا قولا وفعلا، مما يشهد به لديه ويشهد به عليه، كان ذلك نقضا للغرض بالهداية، ودحضا للمفترض في الجود من كمال الرحمة والعناية، وجهلا عظيما من العبد إذ ينسب مولاه إلى اهماله وترك النظر في إصلاح حاله، فيأمر جل جلاله كل من ملكه عبدا بالقيام بأمره ويترك هو الخلق كله مهملا مع تمام رحمته وبره: (ما قدروا الله حق قدره) 3.
وبعد: فحيث فتح الله جل جلاله على يد مملوكه ناظم هذه الكلمات، برحمة مولاه وجوده في سلك عقوده مقصوده، كنوز ما صنفه في اتباع مراده وانتفاع عباده،
পৃষ্ঠা ২৩