ومن زعم أن الأرض هى أصل الأشياء إنما أدعى أنها اسطقس الأشياء، وأصلها من قبل أنها إذا تخلخلت، ورقت قليلا، صارت ماء، وإذا سخفت، وتخلخلت أكثر من ذلك، صارت هواء، وإذا أفرط ذلك عليها، انتقلت إلى النار.
ومن زعم أيضا أن النار هى أصل الأشياء، فإنما أدعى أنها اسطقس الأشياء وأصلها من استعماله هذا القياس بعينه، أعنى من أن النار إذا اجتمعت، وتلززت، صارت هواء. وإذا قوى ذلك عليها، وتزيد التلزز فيها، صارت ماء، وإذا أفرط عليها التلزز، والكثافة صارت أرضا.
وشناعة هذه الأقاويل بينة، واضحة.
وذلك أن جميع هؤلاء القوم إنما وصفوا أمر الاستحالة الاسطقسات بعضها إلى بعض، ثم لم يشعروا أن ذلك هو ما بينوا، بل ظن كل واحد منهم أنه إنما بين أمر الشىء الذى سماه كل واحد منهم اسطقسا.
وليس القول فى استحالة الهواء، والنار، والماء، والأرض بعضها إلى بعض هو القول فى الاستقصات.
وذلك أنه ليس إنما صار كل واحد من هذه أسطقسا من قبل أنها تستحيل بعضها إلى بعض، لكن كل واحد منها إنما صار استطقسا من قبل أنه أول، مفرد، ليس وراءه غاية.
পৃষ্ঠা ৫৩