ثم قال بعد ذلك فى الجلد: إنه بمنزلة القشرة على اللحم جذبت عليه بسبب التنفس. فأما شؤون الرأس فقال فيها: إنها جعلت من أجل قوة الأدوار والغذاء، متى كثرت انفعالات هذه بعضها من بعض كانت تلك الشؤن أكثر ومتى كانت الانفعالات أقل كانت تلك الشؤون أقل. فأما حدوث الشعر فقال فيه هذا القول: إن النار الإلهية ثقبت الجلد المحيط بالبدن، فلما ثقب وبرزت من هذا الثقب النداوة التى فى داخله ما كان من هذه النداوة حارا رطبا خالصا رشح، وما كان منها مختلطا مع تلك الأشياء التى حدث عنها الجلد فإنه إذا خرج عن الجلد عند ما يبرز من دخل يمتد طويلا وتكون رقته بقدر الثقب الذى خرج منه. ولأن حركته بطيئة يدافعه الهواء المحيط به من خارج فيحتبس داخل الجلد ويتصاعد | بالدفع من الجهتين كلتيهما فيتمكن لذلك أصله. وإن الرأس جعل كثير الشعر ليكون ذلك له بمنزلة الوقاية من الأشياء التى تماسه من خارج، ويعنى بتلك الأشياء البرد والحر. وإن الأظفار حدثت من اختلاط العظم والعصب 〈والجلد〉 واللحم فى أطراف الأصابع. وإن الخالق جعل الأظفار للإنسان للحاجة الاضطرارية إلى كونها فى الحيوان
ثم قال: وخلق الله عز وجل النبات لغذاء الإنسان وجعل فيه نوعا واحدا من أنواع النفس وهو الشهوانى
[chapter 19]
وإن الأشياء التى تبتلع تنفذ من المعدة إلى جميع البدن إذا لطفت بالحرارة فنفذت معها ومع الهواء 〈النار〉 أيضا. وذلك أن النار والهواء يتحركان حركتين على دور إلى الجهتين جميعا فإذا خرجا من الفم إلى خارج فدافعا الهواء المحيط بنا على دور نفذ ذلك الهواء فى البدن لتخلخله إلى داخل. فإذا سخن فى البدن خرج ثانية إلى خارج البدن من تلك الطريق بعينها إلى المجانس له. وكذلك أيضا فإن الهواء إذا تدافع على دور دخل إلى عمق البدن من الفم فإذا سخن أيضا هناك خرج ثانية إلى الهواء الذى من طبعه وتكون طريقه التى يخرج منها ويدخل الفم. وهذا هو التنفس ودخوله إلى عمق البدن هو الاستنشاق. ثم قال: فإذا تحركت فى البدن النار والهواء نحو الجلد ينفذ معهما حينئذ ما قد لطف من الغذاء إلى جميع البدن فى العروق. وإذا صار ذلك من العروق فى كل واحد من الأعضاء غذاه بمشاكلته. وذلك أن هذا أمر يعم الحيوان وجميع العالم، فإنه كما أن كل واحد مما فى العالم يتحرك إلى الموضع الذى حركته إليه بالطبع كذلك الأمر فى أبدان الحيوان
পৃষ্ঠা ২৬