[chapter 1]
بسم الله الرحمن الرحيم
قال جالينوس: إن أفلاطن جعل غرضه فى كتابة المسمى «طيماوس» القول فى كون العالم وما فيه من الحيوان. ولا فرق عنده بين قوله العالم وقوله السماء، ويعنى بالسماء الجسم المستدير الذى يتحرك على استدارة
পৃষ্ঠা ৩
وفى أول هذا الكتاب حكاية كلام جرى بين سقراط وقريطياس فى السياسة وفى القدماء من أهل أثينية وفى القوم الذين فى جزيرة أطلنطيس فهم الذين يضمن قريطياس القول فيهم بعد فراغ طيماوس من كلامه. ثم إن أفلاطن بعد ذلك انتقل إلى أن جعل المتكلم طيماوس لا على جهة المسئلة والجواب كما جرت العادة بذلك فيما فى كتب فلاطن من كلام سقراط لكن جعل الكلام كله لطيماوس وحده. وليس اختصارنا للمعانى التى قالها طيماوس فى هذا الكتاب مثل الذى فعلناه فى سائر كتبه التى اختصرنا معانيها. وذلك أن كلامه فى تلك الكتب واسع طويل، فأما فى هذا الكتاب ففى غاية الإيجاز وبعيد من ضيق كلام أرسطاطاليس وإغماضه ومن طول كلام فلاطن فى سائر كتبه. وإن توهمت فى القول بعض الضيق والإغماض فأعلم أن ذلك قليل جدا وأنك إن جعلت ذهنك فيه تبين لك أن سبب ذلك ليس هو إغماض الكلام فى نفسه بعينه كالذى يعرض للقارئ من قلة الفهم لما كان من الكلام بعينه جنس ما مبهم غامض. والكلام الغامض فى نفسه هو 〈الكلام الذى..........، وأما الكلام الذى ليس غامضا فى نفسه فهو〉 الكلام الذى لا يقدر على فهمه إلا من قد ارتاض فى ذلك العلم. ويثبت لك أن هذا على ما وصفت من ابتداء الكلام الذى تكلم به طيماوس. فإنه قال: «ما الشىء الموجود أبدا وليس له كون وما الشىء الكائن دائما وليس هو موجود فى وقت من الأوقات». فإن هذا الكلام عند من ارتاض فى سائر كتب فلاطن كلام بين واضح. إنه يفرق بين الجوهر الذى يفهم بالعقل وليس بجسم وبين الجوهر الحسى الذى من عادة فلاطن أن يسميه كونا لا جوهرا. وقد يوجد سقراط فى «كتاب السياسة» مرارا كثيرة يسمى الأشياء المحسوسات ولم يؤهلها لهذا الاسم. فبالواجب سمى فى هذا الموضع كل ما كان محسوسا الشىء الكائن دائما، وسمى كل ما فهم بالعقل فقط الموجود أبدا. فإذا كان كلام فلاطن فى هذا الكتاب على هذا المثال فليس يمكن اختصاره على النحو الذى اختصرت سائر كتبه. لأنى متى فعلت ذلك كنت قد اختصرت كلاما مختصرا. ولكنى أجمل فى كتابى هذا معانى ما قاله فى كتاب طيماوس بعد أن أضيف إلى ما تقدم من القول ما يتبعه:
[chapter 2]
পৃষ্ঠা ৪
فأقول: إن طيماوس لما كان قد وضع أن لجميع الأشياء جنسين أوليين أحدهما موجود أبدا والآخر كائن دائما أتبع هذا القول بأن قال: «إن كل كائن فإنما يكون من علة ما اضطرارا»، من غير أن يأتى عليه بالبرهان إذ كان أحد الأمور البينة للعقل. وذلك أنه إن كان شىء من الأشياء دائما على حالة واحدة وهو غير كائن ولا فاسد فليست له علة مكونة. وكل الأشياء التى قد كانت فقد كانت لها علة فاعلة، وكل الأشياء التى هى فى الكون فلها فى الوقت الحاضر علة فاعلة. فأما أن العالم شىء فى الكون فأمر قد حكم به طيماوس حكما مطلقا لأن سقراط قد بينه فى غير موضع من رياضياته. وأما كونه هل لم يزل أو كان له ابتداء فإنه يفصل ذلك فيما بعد ويقول إن لكونه ابتداء. ويقول: إن الأمر فى وجود خالق 〈الخلق〉 العالم على الحقيقة قد يعسر على طالبه وإن وجده على الحقيقة لم يمكنه أن يبدى أمره لجميع الناس.
ثم قصد للنظر فى الغرض الذى بنى عليه خلقه فقال: إنه بنى أمره على بقائه دائما. وبيان ذلك عنده أنه لا يمكن أن يكون على حال أفضل من حاله التى هو عليها ولم يكن ليكون كذلك لولا أنه قدر فيه البقاء دائما. ثم قصد بعد ذلك للنظر فى السبب الثالث وهو الداعى إلى خلقه وهو المسمى التمام والشىء الذى من أجله، فأضافه إلى الشيئين اللذين ذكرهما وهما الخالق والتمثال الذى خلقه عليه فقال: إن السبب فى خلق العالم جود الله تبارك وتعالى والجود لا حسد معه ولا بخل على شىء من الأشياء فى وقت من الأوقات. ولذلك عند ما أراد أن يرتب الجوهر الجسمانى المتحرك بغير نظام ولا ترتيب فى غاية ما يمكن أن يرتب خلق العالم. ولأنه ليس يمكن أن يرد شىء من الأشياء التى هى غير منتظمة إلى النظام بلا عقل وجب من ذلك أن يجعل الخالق فى هذا الجوهر عقلا. والعقل لا يمكن أن يكون لشىء من الأشياء من غير نفس ولذلك جعل العالم متنفسا وخلقه دائما ما يمكن
[chapter 3]
পৃষ্ঠা ৫
ويتبع هذا القول أن يكون العالم واحدا فقط. ويتبع ذلك أيضا إذ كان قدر فيه الخالق أن يكون جسما أن يجعله لا محالة مرئيا محسوسا. والمرئى لا يكون بلا نار والمحسوس لا يكون بلا أرض، فلذلك خلق العالم من نار وأرض. وجعل بينهما جسمين آخرين وهما الماء والهواء لأن جميع المجسمات لها متوسطان كما أن جميع السطوح البسيطة لها متوسط واحد، فقد بين ذلك أوقليدس. ولم يترك من ذلك الجوهر شيئا وراء العالم لأنه أراد أن يجعله دائما ما يمكن غير قابل التأثير. وذلك أنه لو كان يحيط بالجسم المحيط بجميع العالم من خارجه أجسام حارة وباردة وغير ذلك من الأجسام التى قواها قوية تماسه على غير ما ينبغى لكانت تلك الأجسام تحله، فإذن حدث فيه من ذلك أمراض وهرم وانتقض. ولذلك جعل الخالق تبارك وتعالى أقاصى السماء جسما مدورا أملس متشابه الأجزاء لا حاجة به إلى أن يكون له رجل أو يد. وذلك أنه جعله متحركا بذاته غير محتاج إلى غيره لأنه لا شىء خارج عنه. وكذلك لم يحتج إلى عين ولا أذن ولا شفتين
[chapter 4]
পৃষ্ঠা ৬
وجعل النفس التى فيه من الجوهر الذى لا ينقسم الباقى دائما بحال واحدة ومن الذى ينقسم فى الأجسام، فجعل فيه من طبيعة الجوهر الباقى دائما بحال واحدة ومن طبيعة الجوهر الآخر. ويعنى بقوله «الشىء الذى لا ينقسم» 〈.......، وبقوله «الشىء الذى ينقسم〉 فى الأجسام» الحركة الغريزية التى فى المادة وهى التى يقول فيها بعد قليل إنها أزلية فيها. فإن كانت النفس ابتداء الحركة على رأيه وكانت المادة متحركة من ذاتها فمن البين أنها متنفسة إلا أن تلك النفس التى فيها مضطربة متحركة على غير نظام محدود. ولذلك لما أراد الخالق تبارك وتعالى أن يردها إلى الترتيب والنظام جعل فيها النفس التى من طبيعة الشىء الباقى دائما بحال واحدة
ثم أن طيماوس من بعد هذا الكلام يصف كيف تنقسم نفس العالم فى جميع أجزائه على نسب كنسب التأليف، ويدل بذلك على العدد. ثم قال بعد فراغه من ذلك: إن الخالق قسم جملة ذلك لقسمين بالطول وألقى كل واحد منهما على صاحبه حتى صار شكلهما شكل الشين فى كتاب اليونانيين وهو هذا X وثناهما جميعا حتى صارا دائرتين متصلة إحداهما بالأخرى. ومن البين أنه يدل بهذا لقول على دائرة فلك البروج ودائرة الاستواء من غير أن تكون حركة دائرة الاستواء سوى حركة الفلك كله. ولما كانت هذه الحركة تحتوى فى داخلها دائرة فلك البروج ترك الخالق الدائرة الخارجة غير منقسمة وقسم الدائرة الداخلة فى ستة مواضع وجعل منها سبعة أفلاك على نسب كنسب التأليف، وهى التى قالها لما قسم جوهر النفس. ومن البين أنه يريد بقوله «سبعة أفلاك» أفلاك الكواكب المتحيرة.
পৃষ্ঠা ৭
وقال: إن ثلثة أفلاك من هذه السبعة متساوية فى سرعة حركتها، يعنى فلك الشمس وفلك الزهرة وفلك عطارد. ولم يسم الزهرة بهذا الاسم لكنه سماها كوكب الصبح. وسمى الدائرة الخارجة الباقية على حال واحدة وسمى الداخلة المختلفة. ثم بين كيف يكون الظن واليقين الصحيح من طبيعة المختلفة والعلم والعقل من طبيعة الباقية بحال واحدة.
[chapter 5]
ثم تكلم بعد ذلك فى طبيعة الزمان فقال: إنه يقدر بأدوار الكواكب المتحيرة وجميع الفلك. وذلك أن الليل والنهار جميعا يكونان من حركة الفلك، وأما الشهور فتكون من أدوار القمر إذا قطع فلكه ولحق الشمس، وأما السنون فتكون من قطع الشمس فلكها. ثم قال: إن لكل واحد من الكواكب المتحيرة حركة خاصية لم يقف عليها كثير من الناس، وإن جميع هذه الأدوار قصدها شىء واحد وهو استكمال السنة التامة
পৃষ্ঠা ৮
ثم إن طيماوس بعد هذا يقول: إن أجناس الحيوان أربعة أحدها السمائى والثانى الطيار والثالث السابح الذى يأوى الماء والرابع المشاء على وجه الأرض. وإن السمائى جعل أكثر ما فى صورته النار وجعل 〈الفهم〉 فى أقوى الأدوار. وإن كل واحد من هذه يتحرك بذاته. وإن الأرض موضوعة فى وسط العالم. وإن فى الفلك كواكب أخر شبيهة بهذه تظهر فى الفلك إيماء. ومن البين أنه يشير بهذا القول إلى الكواكب التى تظهر فى بعض الأزمان ثم تغيب كالذى رأيناه نحن مرارا كثيرة وذكر إبرخس فى كتبه وغيره من المنجمين
[chapter 6]
ثم قال: إن الله تعالى قال للملائكة قولا عاميا إنهم إذا كانوا مكونين فليس هم غير فاسدين إلا أنهم لا يفسدون فى وقت من الأوقات بمشيئته وعنايته بهم. ولأنه قد كان ينبغى أن يكون فى العالم حيوان يقبل الموت جعلهم سببا لكون ما يكون منه. وذلك أنه لو كان تولى خلقهم لكانوا بمنزلة الملائكة. | ثم قال: وإن الخالق تبارك وتعالى أعطى الملائكة ابتداء الخلقة التى لا تموت، ومن البين أنه يعنى بذلك النفس الناطقة. ولهذا السبب لما مزج المزاج الأول الذى خلط فيه نفس العالم أفرغ فيه البقايا التى بقيت من الأشياء المتقدمة وخلطها جميعا وجعلها من جهة من الجهات باقية على حالها. ولم يجعلها غير فاسدة على ذلك المثال لكن ثوانيى وثوالث
পৃষ্ঠা ৯
ثم قال: فلما أتم خلق العالم قسم الأنفس وجعل عددها كعدد الكواكب وصير كل واحدة منها فى واحد من الكواكب وأراها طبيعة العالم وسن لها السنن وبينها لها فقال: إن الكون الأول لجميع الناس واحد لا ينقص 〈أحد〉 فيه عن صاحبه. ثم قال: ولكنه ينبغى — إذا غرست الأنفس فى كل واحد بحسب آل الزمان التى تليق بكل واحد — أن تنبت أفضل الحيوان عند الخالق تبارك وتعالى. وإنه لما كانت طبيعة الإنسان على ضربين 〈.......〉 أفضلهما وهو الذى يدعى بآخرة الرجل
পৃষ্ঠা ১০
ثم قال:ولما كان الإنسان بعد ارتباط النفس منه بالبدن يحتاج إلى أشياء تدخل إلى بدنه وأشياء تخرج منه جعل الخالق تبارك وتعالى فيه حسا غريزيا وجعل فيه شهوة مخلوطة باللذة والأذى وجعل فيه مع ذلك الخوف والغضب وما يتبع هذه الأشياء وما يضادها. فمتى كان الإنسان مستوليا عليها كانت حيوته وتدبيره على العدل، ومتى كانت هذه الأشياء مستولية عليه قاهرة كانت حيوته وتدبيره على الجور. ومن كانت حيوته مرضية فى جميع الزمان الذى يستقيم أن يبقى فيه رجعت نفسه أيضا إلى الكواكب التى كان عنها وأثبت على ذلك بأن يجعل تدبير حيوته أفضل التدبير. ومن لم يكن [تدبير] حيوته كذلك وأخطأ فى تدبيره استحال إلى طبيعة المرأة فى الكون الثانى. وإن لم يبق أيضا على هذه الطبيعة عوقب بشىء آخر أيضا تشبها بحالة فى كونه واستحال إلى طبيعة بعض الحيوان | البرى، ولم يقف عن هذه الاستحالات أبدا دون أن يعود أولا فيقلع من نفسه بالحركة التى فيه الباقية على حال واحدة دائما تلك الأشياء التى اجترت بها وهى التى صارت فيه من النار والماء والهواء والأرض إذ كانت متشوشة عديمة النطق ويغلبها ويقهرها بالنطق يرجع عند ذلك إلى حاله الأولى التى هى أفضل
ثم قال: فمتى جاوز فى جميع هذه الأشياء الصواب وبعد النواميس التى سنها عليها غرس بعض تلك الأشياء فى بعض آل الزمان — والمنقول منها الأرض وبظنى أنه خطأ — وبعضها فى غير ذلك من آل الزمان
[chapter 7]
পৃষ্ঠা ১১
ثم قال: وأمر الخالق تبارك وتعالى الملائكة أن يعملوا للأنفس أبدانا تقبل الموت ويضيفوا إلى تلك الأبدان ما بقى من تلك الأنفس. وإن أولائك جعلوا أول خلقهم والأصل فيه أشياء أخذوها من النار والأرض والماء والهواء وأصطفوها من أجزاء العالم. ثم إنه بعد ذلك وصف الأشياء التى تعرض للنفس بسبب رباطها بالبدن ضرورة وما بالها فى أول رباطها تكون بلا عقل ولم صار العقل ثانيها بعد ذلك. ثم يجعل سبب الأمر الأول منها كثرة الرطوبة وسبب الأمر الثانى منها اليبس. ثم يقول: إن الخالق عز وجل أول ما خلق الإنسان قصد من أعضائه لخلق الرأس منه وجعل فيه من الدورين الإلاهيين، وبالجملة فإنه أدخل الإنسان إلا قليلا منه فى هذا العضو. وذلك أنه يقول: إن جميع الأعضاء إنما خلقت لخدمة الرأس، فأما الرجلان فللمشى وأما اليدان فللإمساك وأما العينان فللبصر. فيقول: إن ذلك يكون لجوهر نير مضئ يخرج من الحدقة ويتصل بالهواء المحيط بنا ويخالطه بمشاكلته ويتغير مثل وتغيره فنحس بالأشياء التى 〈من〉 خارج. وقد بينت هذا القول فى المقالة السابعة من كتابى «فى آراء بقراط وفلاطن» وأكثر من ذلك أيضا، وأحتج ببراهين حقيقية فى المقالة الثالثة عشرة من كتابى «فى البرها». إلا أن أفلاطن فى كتابه المسمى «طيماوس» تكلم أيضا فى الصور التى لا تظهر 〈إلا فى الأحلام وفى الصور التى تظهر〉 فى المرايا. وبين المنفعة التى ننالها من البصر والمنفعة التى ننالها من السمع، وقال: إن هذين جعلا لكون الفلسفة
[chapter 8]
পৃষ্ঠা ১২
فجميع ما ذكر خلقه إلى هذا الموضع يزعم أن سبب كونه العقل. وأما سائر الأشياء الأخر التى يذكرها فيما بعد فيزعم أن كونها ضرورى. وذلك أن كون العالم ممتزج من الأمر الضرورى ومن العقل وإن العقل يتسلط على الأمر الضرورى وذلك 〈أنه يقنعه〉 بأن يجعل أكثر الأشياء التى تكون بالحال الأجواد والأصلح. ثم قال: فحدث هذا العالم عند قنوع الأمر الضرورى. وقد يسمى الأمر الضرورى العلة المضطربة ويدل هذا الاسم عنده على التشويش وعلى ما كان على غير نظام ولا دماثة ثم إنه عاد إلى وصف ذلك وتكلم فى استحالة الأرض والنار والماء والهواء بعضها إلى بعض. وسمى الشىء الذى يعمها جميعا الباقى عند استحالتها الوالدة والمرضعة للمكون. وقال: إنها موضوعة منذ أول الأمر معدة كما شبهها للأب، لأن العالم حدث وتولد عن المادة والصورة
[chapter 9]
ثم إنه بعد هذا يقول قولا عاميا فى وجود جميع الصور وهو بنفس ألفاظه على هذا المثال: فإن كان العقل والفكر الحقيقى جنسين فيجب ضرورة أن توجد أنواع قائمة لذاتها لا نحس 〈بها بل〉 نتوهمها فقط توهما، وإن كان الفصل بين الفكر الحقيقى والعقل كما توهم بعض الناس أنه لا يوجد شىء من جميع الأشياء التى فى البدن نحس به فقد يجب أن نضع بثقة ويقين أنه ينبغى أن يقال إن لهذين نوعين، لأن كونهما متباين وهما غير متشابهين. وذلك أن أحدهما فينا يكون بالعلم والآخر بالإقناع، وكون الأول دائما بقياس حقيقى وأما الثانى.
পৃষ্ঠা ১৩
فبغير قياس. والأول أيضا بالإقناع غير متحرك، وأما الثانى فيتغير بالإقناع. والذى ينبغى أن يقال فى هذا أن جميع الناس يشتركون فيه، وأما العقل فأكثره فى الملائكة وإنما فى الناس منه مقدار يسير. فإذا كان هذا هكذا فينبغى أن يسلم أن النوع الذى فى الملائكة واحد وأنه غير مكون لا يبطل ولا يقبل التأثير بعضه من بعض ولا يفعل فى شىء آخر غيره، وأنه غير مرئى ولا محسوس. وإذا كان هذا على ما وصفنا فقد يجب أن نبحث عن هذا الذى أدركه العقل. وأما الموافق له فى الاسم فشبيه به ثان بعده محسوس مكون يوجد دائما يكون فى موضع ويفسد فيه وإدراكه يكون بالظن والحس. وأما الجنس الثالث فلا يقبل الفساد ويفيد جميع الأشياء المكونة ثباتا وتمكنا ويمس بغير حس ويكذب ما يصدق به الفكر الكاذب. وهو الذى إذا رأيناه كأنه حلم ونقول فيه يجب أن يكون هذا الشىء الموجود — كلما وجد — فى موضع قد تمسك به، لأن ما لم يكن فى الأرض ولا فى موضع من السماء فليس هو شىء من الأشياء. هذا آخر لفظ فلاطن PageV01P01 4
[chapter 10]
فلما بين فلاطن بهذا القول أن لكل واحد من الأشياء المكونة نوعا معقولا قسم بعد ذلك أنواع النار والماء والأرض والهواء فقال: إن نوع النار هو الشكل النارى، ونوع الأرض هو الشكل المكعب، ونوع الماء هو الشكل الذى له عشرون قاعدة، ونوع الهواء هو الشكل الذى له ثمانى قواعد. ثم قال: وههنا صورة أخرى جعلت للعالم بأجمعه، وأشار إلى الشكل الذى له اثنتا عشرة قاعدة ثم بين بعد ذلك فى ثلثة من الاسطقسات أن بعضها يتغير من بعض، وأما | الأرض فباقية بحالها ثابتة لا تتغير، وأن كل واحد من هذه التى ذكرت ينبغى أن يتوهم بحال من الصغر لا يمكن أحدا من الناس أن يدركه مفردا وحده. وذلك أن هذه الأشياء الجليلة التى ترى محسوسة تركيبها من كثيرة من تلك ومن أشياء آخر مخالطة لها ليست من جنسها. وذلك أن فرج العظام تمتلئ من تلك الصغار لأنه لا يستقيم أن يبقى بينها موضع خال. وإن هذا هو السبب فى أن حركاتها واستحالة بعضها إلى بعض باقية دائمة وبعضها يفرق بعضا ويجمعه
[chapter 11]
পৃষ্ঠা ১৫
ثم قال بعد ذلك: وفى كل واحد من هذه الأجناس التى ذكرناها أجناس أخر كثيرة وما طبيعة كل واحد منها وكيف يكون اختلاف الأشياء الجزئية المركبة من بعضها ببعض. فقال: إن أجناس النار ثلثة وهى اللهيب والضوء والجمرة. 〈وأما الهواء......〉. وأما الماء فقال أولا إن له جنسين أحدهما الرطب والآخر الذائب، ثم إنه بعد ذلك أخبر بكون الذهب والحجر المعروف bبألماس والنحاس والصدى وجعلها من الجنس الذائب. ثم انتقل بعد ذلك إلى الجنس الآخر من جنسى الماء وهو الرطب فقال: إن ما كان منه سيالا فقد خالطته أجزاء نارية، وما كان منه غير سيال فقد عدمت تلك الأجزاء. وإن ما جمد من هذا الجنس فوق الأرض فهو البرد وما جمد عليها فهو الجليد، وما لم يستحكم جموده مما فوق الأرض فهو الثلج ومما على الأرض فهو الدمق
ثم قال بعد ذلك: إن أكثر أنواع الماء قد خالطتها أشياء أخر، وجميع جنسها من عصارات الشجر وتدعى الأخلاط، وبسبب اختلاطها لا تجد منها شيئا يشبه صاحبه. وسائر أجناسها الباقية لا اسم لها خلا أربعة أنواع منها النارية و〈التى ينفذها〉 الضوء فإنها مسماة: 〈أحدها〉 الخمر وهى المسخنة للنفس والبدن، والثانى أملس مفرق للبصر — ومن أجل ذلك يتبين فى رؤيته الضوء والنور والدهنية — وهو النوع الدهنى مثل الزفت والخروع والزيت وكل ما كان من هذا الجنس، وأما الثالث — وهو السيال إلى العروق التى فى الفم وحلاوته تظهر هناك — فسمى العسل. وأما الرابع — وهو الذى يذيب اللحم بإحراقه وجنسه زبدى منفصل من جميع الأخلاط — فسمى لبنا. هذا الكلام قاله افلاطن عند آخر وصفه للأنواع المائية.
পৃষ্ঠা ১৬
[chapter 12]
ثم وصف بعد ذلك أنواع الأرض فتكلم أولا فى كون جملة الحجارة، ثم فى كون الحجارة التى ينفذها الضوء، والخزف والصخر الأسود، ثم قال فى كون البورق والملح. ثم قال: إن جمود الأرض الذى فى الغاية لا يحله الماء والهواء لكن النار فقط، وأما جمود 〈الأرض الذى ليس فى الغاية فيحله النار والماء جميعا. وأما جمود الماء الذى فى الغاية فيحله النار فقط، وأما جمود الماء〉 الذى ليس فى الغاية فيحله النار والهواء جميعا. وأما الهواء الجامد فى الغاية فلا يحله شىء سوى ما لهذا الاسطقس أن يفعله، وأما الهواء الذى لم يجمد فى الغاية فيذيبه النار فقط
ثم قال فى الأشياء المختلطة من الأرض والماء: إن ما كان منها فيه من الماء أقل مما فيه من الأرض فهو جنس الزجاج وجميع الحجارة التى تذوب. وما كان فيه من أجزاء الماء أكثر من أجزاء الأرض فهو الأجسام التى بمنزلة الشمع والأجسام المبخرة. وجميع هذه يحلها النار فقط، لأن تجاويف الأرض قد انضمت وتلبدت فى الغاية من الماء 〈فلا يذيبها الماء〉 إنما بقى أن يداخلها فقط النار. وذلك أن الماء لا يمكنه إذا ماسها من خارج أن يداخل ما كانت هذه حالة من الأجسام لكن يسيل حوله على الاستدارة
[chapter 13]
ثم إنه بعد هذا الكلام ضمن القول فى الآلام العارضة فى الأبدان والأسباب الفاعلة لذلك فقال: الأولى أن يجعل ما يبتدأ به من ذلك الحس.
পৃষ্ঠা ১৭
ثم قال: إن الذى ينبغى أن نقدمه قبل ذلك مما ينتفع به فى هذا القول بآخرة، | وهو أن ما كان من الأجسام يتفرق وينفصل بعضها من بعض لحدة حركة النار ولطفها وصغر أجزائها فالآلام العارضة فيها حارة. وما كانت حالها على ضد هذه الحال كان الألم العارض فيها باردا. وإن الأجسام االتى تدعى صلبة هى التى ينقبض لها اللحم منا، والأجسام اللينة هى التى لا ينقبض لها اللحمم منا. وكذلك سائر الأشياء الباقية فإنها تدعى صلبة أو لينة بحسب انقباضها وممانعتها. وإن الأشياء التى ثباتها وتمكنها على شىء صغير تنقبض وتتضام لما كان ثباته وتمكنه على أشياء عظيمة. ولهذا صارت الأرض أشد مدافعة وممانعة، وذلك أن تمكنها وثباتها فقط يكون على المربعات. وإن الأشياء الثقيلة هى التى تتحرك إلى وسط العالم والخفيفة هى التى تتحرك إلى سطح العالم. وإنما قال وسط العالم لا أسفله لأنه يرى أن شكل العالم كرى، و كذلك قوله سطح العالم لا علوه. وإن الجسم الأملس يكون عند اختلاط الكثافة بالاستواء، وأما الخشن فمتى اختلطت الصلابة بغير الاستواء
[chapter 14]
وإن السبب فى الأشياء اللذيذة والأشياء المؤذية يصح البحث عنه إن نحن تقدمنا فبحثنا عن الآلام المحسوسة وغير المحسوسة. وإن السبب فى كون هذه الأشياء طبيعة الجوهر القابل للتأثير متى كانت حركته سهلة أو عسرة.
পৃষ্ঠা ১৮
وذلك أن ما كان فى طبعه سهل الحركة إذا عرض فيه الألم وإن كان يسيرا فإنه يصل بسرعة إلى جميع أجزائه واحدا بعد واحد إلى أن يصل إلى العضو الذى يفهم به ذلك فيدله على تلك القوة الفاعلة. وأما ما كان بخلاف ذلك فلأنه ثابت متمكن فليس يتألم وحده فى دور متساو ولا يحرك شيئا من الأشياء القريبة منه، فإذا لم يوصل كل واحد من تلك الأجزاء إلى صاحبه الألم الأول الذى حدث فيه — لأن جميع بدن الحيوان يكون غير متحرك — كان ذلك الألم غير محسوس. وأسهل الأعضاء وأسرعها حركة السمع والبصر خاصة لأن فيهما من النار والهواء قوة عظيمة، وأعسر الأعضاء وأبطأها حركة الشعر والعظام وسائر الأشياء الباقية الأرضية
ثم [قال] إن افلاطن بعد هذا قال فى اللذة والأذى هذا القول: أما أمر اللذة والأذى فعلى هذا ينبغى أن يتوهم، وهو أن كل أثر خارج عن المجرى الطبيعى يجفو ويبدو جملة فى دفعة فهو مؤلم، والرجوع جملة فى دفعة إلى الحال الطبيعية لذيذ. وأما ما يبطؤ ويبدو قليلا قليلا فغير محسوس، وما كان على ضد ذلك فأثره على الضد. وأما الشىء الذى يكون بسهولة فكله لا يحس ولا يكون معه ألم ولا لذة
[chapter 15]
পৃষ্ঠা ১৯
ثم قال: أما [جميع] الآلام العامية العارضة فى جميع البدن والأسباب الفاعلة لها فقد بيناها. وأما الآلام الخاصية العارضة فى اللسان من الطعوم فنقول: إن الأجزاء الأرضية التى فى الأشياء التى تذاق إذا واقعت أجزاء اللحم الذى فى اللسان ذابت وجمعت عروقه. والتى تخشنه منها خشونة أشد تسمى عصفة، والتى تخشنه أقل تسمى قابضة. وأما الأشياء التى تجلو هذه وتغسل ما حول اللسان — إن كان ذلك الفعل أكثر من المقدار 〈حتى〉 تبلغ من قوتها أن تذيب شيئا من أجزاء اللسان — تدعى مرة مثل البورق، وإن كان ذلك الفعل أقل من فعل هذه سميت مالحة. وأما الأشياء التى تسخن وتقطع وتلذع فتسمى خريفة، وأما الأشياء التى تلطفها العفونة حتى تنفذ فى العروق الرقاق فتدعى الحامضة. ثم قال: وأما الأشياء التى تضاد جميع ما ذكرناه فتسمى الحلوة، وذلك أنها تملس ما خشن من أجزاء اللسان وتشد وتجمع ما استرخى منها، ولذلك صار هذا النوع من الطعوم لذيذا
ثم إن فلاطن بعد فراغه من القول فى الطعوم يتكلم فى حاسة الشم. وزعم أن جوهرها فيما بين الهواء والأرض وأن الدخان والضباب يدخلان فى هذا الجنس، وأن بعضها يقال فيها لذيذة وبعضها مؤذية. وأما أنواعها الجزئية فلا اسم لها
পৃষ্ঠা ২০
ثم قال: إن العضو الثالث الحاس فينا هو العضو الحاس بالأصوات. وحد الصوت فقال: إنه قرع مكون بالأذن للهواء الذى فى الدماغ، ويشبه أن يكون هذا القرع يتأدى إلى النفس. وإن الحركة التى تكون من هذا القرع البادئة من الرأس وتنتهى نحو عضو الكبد هى السمع. وإنما قال ذلك لأنه يرى أن جميع أجزاء النفس الناطقة إذا كانت فيها معرفة بالمحسوسات التى تماسها من خارج 〈... ...〉. وإن الصوت الحاد يسمى الخفيف والصوت الثقيل يدعى البطىء، والصوت الأملس هو المستوى والخشن ضده، والصوت العظيم هو الكثير والصوت الصغير ضده
[chapter 16]
পৃষ্ঠা ২১
ثم قال: العضو الرابع الحاس فينا هو البصر، وإن المحسوسات التى تخص هذه الحاسة هى الألوان. وإن جوهر الألوان هو اللهيب الذى يخرج من كل واحد من الأجسام. وإن لذلك اللهيب أجزاء معتدلة فى حسها. وإن الأجسام التى ينفذ فيها الضوء يبرز منها أجزاء مساوية للأشياء التى تبرز من البصر، وأما الأجسام البيض فيبرز منها ما أجزاؤه أصغر من أجزاء البصر، وأما السود فيبرز منها ما أجزاؤه أعظم من أجزاء البصر. ثم قال: ولذلك صارت الأجسام البيض تفرق البصر والسود تجمعه. ثم قال: وأما الحركة التى هى أحد الحركات الكائنة عن جنس آخر من أجناس النار التى تفرق البصر تفريقا يحدث من ذلك فيه شعاعات فنسمى اللون والجسم البراق المضئ. وأما جنس النار الذى بين هذين الجنسين الذى يأتى رطوبة العين فيخالطها من غير تأخر فيدعى الأحمر. فهذا ما قاله فى الألوان البسيطة. وأما المركبة من هذه فقال فيها: إنه متى مازج اللون الأحمر البراق اللون الأبيض كان منه اللون الأحمر المشرق. ومتى مازج اللون | الأحمر اللون الأسود 〈والأبيض〉 كان منهما اللون الأرجوانى. فأما اللون الذى يسمى المظلم فيكون من اختلاط هذه الألوان واحتراقها وممازجتها اللون الأسود وغلبته عليها. وأما اللون الأشقر فيكون من امتزاج الأحمر المشرق والأغبر. وأما اللون الأغبر فيكون بامتزاج اللون الأبيض والأسود. وأما اللون الأصفر فيكون من اختلاط اللون الأبيض باللون الأحمر المشرق. وإذا خالط اللون الأبيض البراق الأسود المشبع كان منهما اللون الآسمانجونى. وإذا امتزج اللون الآسمانجونى والأبيض كان منهما اللون الأزرق. وإذا اختلط اللون الأشقر باللون الأسود حدث عنهما اللون الأخضر
[chapter 17]
ثم قال: وجميع ذلك كان قبل حدوث العالم إلا أنها كانت غير معتدلة لا نظام لها ولا ترتيب. فلما زخرف ذلك ونظم واستوى العالم اعتدلت جميع الأشياء وانتظمت
পৃষ্ঠা ২২
ثم قال: وخلق الله تعالى النفس الناطقة لا تموت وكساها بدنا ميتا وضم إلى ذلك نوعا آخر من أنواع النفس قابلا للتأثير فيه آلام اضطرارية صعبة. أما أولها bفاللذة وهى خدعة ومصيدة توقع فى الشر، ثم من بعدها الأذى والأحزان وهما المانعان من الخيرات، ثم القحة والجزع وهما صاحبا الخطأ فى المشورة، ثم الغضب وهو ألم يعسر تسكينه، ثم الرجاء والطمع وهما اللذان يميلان النفس ويوقعانها فى | الشر بسهولة. وإن [كان] الخالق تبارك وتعالى لما مزج جميع هذه بالحس العديم للنطق والشهوة المنقحمة ركب فيها ضرورة الجنس القابل للموت
ثم قال: وجعل الله العنق بين الرأس والصدر كيلا تتدنس النفس الإلهية إلا من ضرورة شديدة. وجعل فى القلب أفضل جزئى النفس الميتين وجعل أخسهما فى الكبد وجعل بينهما حاجزا وهو الحجاب وجعل النوع الذى فى القلب من أنواع النفس مطيعا للنفس الناطقة. ثم قال: ولأن هذا النوع محب للغلبة يجاذب النفس الشهوانية على شهواتها ويضبطها متى خالفت أمر النفس الناطقة. وإنما لما كان هذا النوع من أنواع النفس يحمى عند الغضب ويسخن ولم يكن يؤمن مع ذلك أن تفرط حرارته فتجاوز به المقدار أحدقت به الرئة من خارج من جميع النواحى لتبرده. ولأن الرئة فى طبيعتها لينة تمسك القلب فى أوقات الغضب إمساكا رقيقا فتسكنه بلينها، وبما فيها أيضا من التجويفات التى تقبل الهواء والرطوبة تروح الحرارة التى فيه
পৃষ্ঠা ২৩