٦ وتقدر أن تعلم أيضا أنه كان يغذو بعض المرضى بماء كشك الشعير ومعه ثفله ويغذو بعضهم بمائه فقط ويحمى بعضهم من ماء الشعير أيضا من كلام ذكره فى كتابه فى تدبير الأمراض الحادة فإنه قال أولا هذا القول وطريق الرفد فى أكثر الأمر طريق واحد لمن يستعمل ماء الشعير ومعه ثفله ولمن يستعمل ماءه فقط ولمن لا يستعمل واحدا منهما بتة لكن يقتصر على ما يشرب وربما كان طريق الرفد مختلفا ثم قال بعد فى صفته ماء العسل هذا القول وإن تجنبت الاحساء واقتصرت على ماء العسل فى هذه الأمراض كان صوابك كثيرا وخطاؤك قليلا غير كثير ثم قال بعد هذا القول فى صفته للسكنجبين فأما من يقتصر على التدبير بما يشرب فقط من غير أن يرزأ شيئا من الأحساء فلهذا السبب لا يوافقه أن يقتصر على ذلك دائما ثم قال بعد هذا فى صفته للحمام هذا القول ان استعمال الاستحمام فى الحمام لمن يستعمل ماء الشعير مع ثفله أمكن منه لمن يقتصر على مائه وقد يقدر من يقتصر على ماء الشعير كثيرا على استعمال الحمام فأما من يقتصر على ما يشرب فقط فلا يكاد يقدر على استعمال الحمام فنراك تحتاج مع هذا الكلام إلى أن أجيبك بكلام غيره من ذلك الكتاب أعنى كتاب تدبير الأمراض الحادة أو من غيره من كتبه يتقدم بقراط أن يقتصر بكثير من المرضى فى مدة مرضهم كلها على ما يشرب فقط من غير أن يرزؤوا شيئا من الطعام بتة أما أنا فيمكننى أن أجمع من كلامه فى ذلك ما يجىء منه كتاب تام لكنى أعلم أنى إن فعلت ذلك أبرمتك فأنا راجع إلى ما كنت قصدت إليه فأجتهد فيما قصدت له فأجتهد أن أختصر منه تدبير بقراط للأمراض الحادة كله فى جمل مقتصدة قليل عددها فأقول إن بقراط يرى أن من أعظم الناس خطاء من حمل المريض فى أول مرضه على أن يمتنع من الغذاء ثلاثة أيام أو أربعة ثم يغذوه من بعد ذلك وقد قرب وقت منتهى مرضه وذلك أنه إنما ينبغى إما أن لا يمنع المريض من الغذاء إن كانت قوته لا تفى بمقاومة المرض أو إن كانت تفى بذلك فأن يمنع من الغذاء على ما دبر فيه منذ أول المرض إلى أن ينضج مرضه إن كان ذلك يكون فى اليوم الخامس أو فى السادس أو فى السابع فهذا هو رأى بقراط وأما رأى غيره من الأطباء فتعرفه مما وصفه بقراط وذلك أنه قال فى كتابه فى تدبير الأمراض الحادة هذا القول وقد أعرف كثيرا من الأطباء يفعل ضد ما ينبغى أن يفعل وذلك أنهم كلهم يجففون أبدان المرضى منذ أول المرض يومين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك ثم ينيلونهم الأحساء والأشربة وليس يريد بقراط بهذا القول أنه ينبغى أن يغذى جميع المرضى منذ أول يوم من المرض لكنه إنما يريد أنه لا ينبغى أن يغير تدبير المريض من المنع من الغذاء إلى التغذى قبل وقت منتهى المرض لكن ينبغى أن يحذر فى جميع الأوقات كل غذاء خلا كشك الشعير كما قال أولا ويحذر أيضا كشك الشعير فى وقت منتهى المرض ومما يدلك على ذلك أنه بعد هذا الكلام الذى تقدم ذكره ذكر أشياء كثيرة من أمر كل تغير يكون بغتة فى التدبير ثم أتبع ذلك بأن قال هذا القول ففى جميع هذه الأشياء التى وصفت أعظم الدلائل على أن تدبير هؤلاء الأطباء للمرضى ليس بصواب لكنهم يستعملون خلاء العروق فى أمراض لا ينبغى استعماله فيها وهم سيغذون أصحابها بعد بالأحساء ويغيرون التدبير فينقلونه من خلاء العروق إلى استعمال الأحساء فى أمراض لا ينبغى أن يغير فيها فدل دلالة بينة فى هذا القول أنه قد يكون من الأمراض ما لا ينبغى أن ينقل تدبير أصحابها من خلاء العروق يعنى من الحمية والمنع من الغذاء إلى استعمال الأحساء وينبغى أن ننظر ما معنى قوله أن لا ينقل من المنع من الغذاء أما أنا فأرى أن ذلك ليس هو شىء غير أن يمنع المريض من الغذاء فى مدة مرضه كلها وذلك أنه إن كان يذم الأطباء وينسبهم إلى تعدى الصواب فى نقلهم تدبير المريض من المنع من الغذاء إلى التغذية فى بعض الأمراض فهو لا محالة يحمد من يمنع أصحاب تلك الأمراض من الغذاء إلى أن يأتى البحران وقد صرح بقراط بذلك فيما بعد فى هذا القول ثم من بعد فلا ينبغى أن تستعمل الأحساء دون أن ينضج المرض ما أعجب الرجل الذى هذى فألقى إليك ما ألقى من غير أن يكون عنده منه علم من الخفة وضعف الرأى فإنه لو كان معه شىء من الحزم لقد كان لو لم يقف على شىء مما قرأه فى ذلك الكتاب أعنى كتاب تدبير الأمراض الحادة فلا أقل من أن كان يقف منه على هذا القول أنه لا ينبغى أن تستعمل الأحساء دون أن ينضج المرض يعنى أنك إذا قدرت فى المريض منذ أول مرضه أن تمنعه من الغذاء ثلاثة أيام متوالية أو أربعة فلا ينبغى لك أن تنيله شيئا من الأحساد دون أن ينضج مرضه إلا أن يعرض عارض يضطرك إلى أن تفعل ذلك فقد أتبع بقراط هذا القول بأن قال أو تظهر علامة أخرى فى الأمعاء تدل على خلاء العروق أو على شىء مهيج وقد دل بقراط على رأيه فى تدبير الأمراض الحادة لا مرة ولا مرتين لكن مرارا كثيرة فى هذا الكتاب الواحد الذى قد يجعل بعضهم رسمه على غير الصواب فى المناقضة لآراء أهل قنيدس وبعضهم يجعل رسمه فى كشك الشعير وذلك أنه يأمر إما بأن لا يغذى المريض بتة إلى أن ينضج مرضه وإما بأن يغذى منذ أول مرضه
[chapter 7]
পৃষ্ঠা ১০০