"من" زائدة، و"غني" بالرفع صفة لـ "أحد" على الموضع؛ لأنّ الجار والمجرور في موضع رفع، ونظيره قوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: ٥٩] بالرفع على الموضع، وبالجر على اللّفظ،، ويجوز في الحديث "غنيٍّ ولا فقيرٍ" بالجر علي اللّفظ أيضًا.
(٤٢ - ١٦) وفي حديثه: "فَكُنَّ أُمِّهَاتِي يَحْثُثْنَنِي" (١):
النون في "كن" حرف يدلُّ على جمع المؤنت، وليست اسمًا مضمرًا؛ لأنّ "أمهاتي" هو اسم "كان"، فلا يكون لها اسمان، ونظير النون ههنا الواو، في "أكلوني البراغيث" (٢)، وكقول الشاعر (٣): [الطويل]
(٤) وَلَكِنْ دِيَافِيٌّ أبُوهُ وَأُمُّهُ ... بِحَوْرَانَ يَغصِرْنَ السَّلِيطَ أَقارِبُهْ
_________
(١) صحيح: أخرجه البخاريّ (٢٣٥٢)، ومسلم (٢٠٢٩)، وأبو داود (٣٧٢٦)، والترمذي (١٨٩٣)، وابن ماجه (٣٤٢٥)، ومالك (١٧٢٣)، والدارمي (٢١١٦)، وأحمد (١١٦٦٧).
ولفظ المصنِّف عند مسلم وأحمد
(٢) وهي لغة أزد شنوءة، وعليها خرج قوله تعالى: ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [الأنبياء: ٣] وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٧١]، ولـ "البراغيث" و"الذين ظلموا" و"كثير" تخريجات:
١ - الرفع على البدل من الواو. قاله سيبويه والمبرد.
٢ - الرفع على الفاعلية، والواو علامة الجمع. قاله أبو عبيدة والأخفش وغيرهما.
٣ - أن "الذين" مبتدأ، و"أسرو النجوى" خبره. قاله الكسائي.
قال سيبويه ﵀: واعلم أن من العرب من يقول: ضربوني قومك، وضرباني أخواك. فشبهوا هذا بالتاء الّتي يظهرونها في "قالت فلانة"، وكأنّهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامة كما جعلوا للمؤنث. وهي قليلة؛ قال الشاعر: .. ثمّ ذكر البيت المستشهد به ههنا.
ينظر: "الكتاب (٢/ ٤٠)، و"البحر الميحط" (٦/ ٢٩٧)، و"إكمال إكمال المعلم" (٥/ ٣٣٩)، و"شواهد التوضيح" (١٩١ - ١٩٣).
(٣) البيت للفرزدق في ديوانه (١/ ٤٦)، و"خزانة الأدب" (٥/ ١٦٣)، و"شرح أبيات سيبويه" (١/ ٤٩١)، و"شرح المفصل" (٣/ ٨٩)، و"الكتاب" (٢/ ٤٠)، و"لسان العرب" (دوف)، (سلط)، وبلا نسبة في "الجنى الداني" (ص ١٥٠)، و"رصف المباني" (ص ١٩)، و"سر صناعة الإعراب" (ص ٤٤٦)، و"الخصائص" (٢/ ١٩٤).
ومحل الشّاهد قوله: يعصرن السليط أقاربه؛ فإنّه ألحق النون الفعل، ثمّ ذكر الفاعل وهو "أقاربه"، وهذا على لغة أكلوني البراغيث.
1 / 77