أحدها: أن يكون ذلك سهوًا من الرواة، وقد وقع ذلك (١) منهم كثيرًا، والوجه حذفها بـ "حتّى"؛ لأنّ معناها "إلى أن"، وتتعلّق بـ "قمت".
والوجه الثّاني: أن يكون ذلك على ما في شذوذ الشعر؛ قال الشاعر (٢): [البسيط]
(٣) يَا صَاحِبَيَّ فَدَتْ نَفْسِي نُفُوسَكُمَا ... وَحَيْثُمَا كنْتُمَا لُقِّيتُمَا رَشَدا
تَحَمَّلَا حاجَةً لِي خَفَّ مَحْملُهَا ... تَسْتَوْجِبَا نِعْمَةً منِّي بِهَا وَيَدا
أَنْ تَقْرَآنِ عَلَى أَسْمَاءَ وَيْحَكُمَا ... مِنِّي السَّلَامَ وَألاَّ تُخْبِرا أحَدا
فأثبت النون في موضع النصب، وكذلك هو في الحديث؛ لأنّ المعنى: "إِلَى أَنْ يَسْتَيْقِظَا".
_________
= نصب أنّه لم يجعل القول من سبب قوله: "وزلزلوا"، ومنه قول العرب: قعدت حتّى تغيب الشّمس. فليس قعودك سببًا لغيبوبة الشّمس. وتلخيص ذلك: أن من رفع الفعل بعد "حتّى" كان بمعنى المضي، ومن نصبه كان بمعنى الاستقبال.
ينظر: "الحجة في القراءات السبع"، لابن خالويه، (ص ٩٥ - ٩٦)، تحقيق د. عبد العال سالم مكرم، مؤسسة الرسالة. ط. خامسة سنة (١٤١٠ هـ -١٩٩٠ م)، و"مغني اللبيب" (١/ ١٢٩)، و"شرح المفصل" لابن يعيش (٧/ ٢٩ - ٣٠)، و"أوضح المسالك" (٤/ ١٧٤)، و"شرح الكافية في النحو"، للأستراباذي (٢/ ٢٤٢)، و"شرح ابن عقيل" (ت ٧٦٩ هـ)، تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد، دار التراث - القاهرة - ط. ثانية سنة (١٤٠٠ هـ -١٩٨٠ م)، (٤/ ١٠).
(١) يشير بـ "ذلك" إلى السّهو في الرِّواية باللحن عامة لا بخصوص هذه الرِّواية، ولا يكون هذا إِلَّا من غير ضابط لما يرويه، فليتأمل!
(٢) البيت الأخير هو شاهد المسألة، وهو بلا نسبة في "الإنصاف" (٢/ ٥٦٣)، و"الجنى الداني" (ص ٢٢٠)، و"سر صناعة الإعراب" (٢/ ٥٤٩)، و"رصف المباني" (ص ١١٣)، و"الخصائص" (١/ ٣٩٠)، و"خزانة الأدب" (٨/ ٤٢٠)، و"أوضح المسالك" (٤/ ١٥٦)، و"شرح المفصل" لابن يعيش (٧/ ١٥).
والبيت له أكثر من رواية، منها: "ألَّا تشعرا"، و"ألَّا تعلما". والشّاهد فيه: إهمال عمل "أنْ" في نصبها المضارع؛ وذلك تشبيهًا لها بـ "ما" المصدرية.
1 / 72