هذا (١) قول الشاعر: [الوافر]
(٢) إِذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ ... لَعَمْرُ أَبِيكَ أَعْجَبَني رِضَاهَا
[فعداه بـ "على" قال أبو عبيدة: إنّما ساغ ذلك لأنّ معناه: أقبلت علي (٢)].
وفيه: "لَسْتُ هُنَاكُمْ":
قال ﵀! -: "هنا" في الأصل ظرف مكان، وقد استعملت للزمان، ومعناها ههنا "عند"، أي: لست عند حاجتكم أنفعكم. والكاف والميم لخطاب الجماعة.
وقوله: "فَيَسْتَحِي رَبَّهُ مِنْ ذَلِكَ":
قال - رحمه الله تعالى! -: الأصل: من ربه، فحذف "من" للعلّم بها (٣)؛ كقوله تعالى: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا﴾ [الأعراف: ١٥٥] أي: من قومه. ويجوز ألَّا يكون فيه حذف ويكون المعنى: يخشى ربه، أو يخاف ربه؛ لأنّ
_________
(١) يعني من إنابة بعض الحروف عن بعض: استخدام "على" بمعنى "عن"، والبيت المستشهد به للقحيف العقيلي (وهو القحيف بن خمير بن سليم النَّدي، شاعر إسلامي مقل، كان يشبب بخرقاء محبوبة ذي الرمة - ترجمته في "طبقات فحول الشعراء" (ص ٥٨٣)، و"شرح شواهد المغني" للبغدادي (ت ١٠٩٣ هـ)، (٢/ ٣٩٣).
والبيت في: "أدب الكاتب" لابن قتيبة ت (٢٧٦ هـ)، تحقيق الدالى، مؤسسة الرسالة، ط. ثانية سنة (١٤٠٦ هـ)، (ص ٥٠٦)، و"أمالي ابن الشجري" (ت ٥٤٢ هـ)، (٢/ ٢٦٩)، و"أوضح المسالك" (٣/ ٤١)، و"المقتضب" (٢/ ٣٢٠)، و"الخصائص" (٢/ ٣١١)، و"شرح المفصل" (١/ ١٢٠)، و"رصف المباني" (ص ٣٧٢)، و"خزانة الأدب" (١٠/ ١٣٢)، و"الأزهية" (ص ٢٧٧)، و"همع الهوامع" للسيوطي، (٤/ ١٨٦)، تحقيق د. عبد العال سالم مكرم، دار البحوث العلمية - الكويت سنة (١٣٩٩ هـ).
والشّاهد فيه: قوله: "رضيت عليّ" حيث كانت "على" هنا بمعنى "عن".
(٢) سقط في خ.
(٣) ولعلّ ذلك لسبب آخر، وهو الاستثقال الناتج عن إثباتها، فحينئذ يقول: فيستحي من ربه من ذلك. إِلَّا أن الفعل يتعدى بغير حرف، قال الزبيدي "تاج العروس" (١٠/ ١٠٦): واستحياه واستحاه يتعديان بحرف وبغير حرف اهـ. وحكى ابن المكرّم "اللسان" (٢/ ١٠٨٠): استحياه واستحى منه بمعنىً من الحياء.
وعليه فلا إشكال في الرِّواية.
1 / 69