العشاء الأخيرة بالمزدلفة.
(١٧ - ٥) [وفي أفراد] (١) مسلم:
أن رجلًا سأله عن العزل (٢)، فقال: "لماذا؟ "، فقال: إشفاقًا على ولدها. [قال:] "إن كان ذَلِكَ فلا؛ [ما] ضَرَّ ذَلِكَ فَارِسَ والرُّومَ" (٣).
قال ﵀! -: التقدير: لا تعزل لهذا الغرض؛ فإن فارس والروم يطئون نساءهم وهن يرضعن فلا يضرهم ذلك، فـ "لا" هي تمام الجواب، ثمّ قال: "ما ضر ذلك فارس ... ".
(١٨ - ٦) وفي "المسند" من رواية أحمد في حديث جبريل:
"لَمْ يَأْتِنِي مُنْذُ ثَلَاثٌ" (٤).
قال ﵀! -: هو بضم الذال لا غير، وأمّا "ثلاث"، فبالرفع لا غير؛ لأنّه ذكر ذلك لقدر مدة الانقطاع، أي: أمد ذلك ثلاث ليال (٥). و"منذ
_________
(١) سقط في خ.
(٢) طمس في خ.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (١٤٤٣)، وأحمد برقم (٢١٢٦٣).
(٤) إسناد أحمد حسن: وهو في "المسند" برقم (٢١٢٦٥).
(٥) وهذا هو مذهب البصريين، قالوا: إنّما قلنا إنّه مرفوع ما بعدهما لأنّه خبر عنهما؛ وذلك لأنّ "مذ" و"منذ" معناهما الأمد؛ ألَّا ترى التقدير في قولك: ما رأيته مذ يومان، ومنذ ليلتان، أي: أمد انقطاع الرؤية يومان، وأمد انقطاع الرؤية ليلتان، والأمد في موضع رفع بالابتداء، فكذلك ما قام مقامه. وإذا ثبت أنّهما مرفوعان بالابتداء وجب أن يكون ما بعدهما خبرًا عنهما.
واختار السهيلي وابن مالك مذهب أكثر الكوفيين أنّهما ظرفان مضافان لجملة حذف قعلها وبقي فاعلها، والأصل: مذ كان يومان. وفيها أقوال أخرى.
وبنيت "مذ" على السكون لأنّه الأصل في البناء، وبنيت "منذ" على الضم لأنّه لما وجب تحريكها لالتقاء الساكنين حركت بالضم؛ لأنّ من كلامهم أن يتبعوا الضم الضم.
ينظر تحرير المسألة في: "الإنصاف في مسائل الخلاف"، لابن الأنباري، تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت سنة (١٤١٤ هـ-١٩٩٣ م)، (١/ ٣٨٢)، و"مغني اللبيب"، تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد، (١/ ٣٣٥)، و"شرح الكافية" للأستراباذي، (٢/ ١١٧)، دار الكتب العلمية، =
1 / 59