وقدموا الفيل كما يصنعون فى الحروب. وقدم صاحب مقدمته الأسود ابن مفصود، ووقف أبرهة كما كان يقوم فى الحرب؛ معه وجوه أصحابه قد حفوا به؛ من وجوه الحبشة والعرب ممن قد سار به، وقد أخذت صفوفه أقطار الأرض، بعضها خلف بعض، يريدون أن يصبحوا بمكة، فلما وجهوا الفيلة إلى مكة، وقدموا فيل الملك النجاشى الأكبر- وكان لم يسر به قط إلى جمع إلا هزمهم، واسمه محمود- فأقبل نفيل بن حبيب الخثعمى حتى قام إلى جنب الفيل فالتقم أذنه فقال: ابرك محمود، وارجع راشدا من حيث جئت؛ فإنك فى بلد الله الحرام. ثم أرسل أذنه، فبرك، وخرج نفيل حينئذ حتى صعد الجبل، وضربوا الفيل ليقوم فأبى، فضربوا رأسه بالطبرزين (1) فأبى، فأدخلوا محاجن (2) لهم فى مراقه (3) فبزغوه (4) بها ليقوم فأبى، وحرن كحران الدابة، وتكركر الناس حتى بلغ أبرهة ذلك، فجاء- وهو فى أصحابه- حتى وقف على رأسه، فجعل يصيح بسائس الفيل فيضربه، فإذا لح عليه ربض وصاح، فينخس بالرمح فلا ينثنى حتى كادوا أن يصبحوا، ثم إنهم أقبلوا على الفيل فقالوا: لك الله ألا نوجهك إلى مكة. فجعلوا يقسمون له ويحرك
পৃষ্ঠা ৩৫