فَإِذا صَبر على ذَلِك وَاتَّقَى الله كَانَت الْعَاقِبَة لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَإِن تصبروا وتتقوا لَا يضركم كيدهم شَيْئا [سُورَة آل عمرَان ١٢٠]
وَقَالَ تَعَالَى لتلبلون فِي أَمْوَالكُم وَأَنْفُسكُمْ ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا وَإِن تصبروا وتتقوا فَإِن ذَلِك من عزم الْأُمُور [سُورَة آل عمرَان ١٨٦]
فَأمر سُبْحَانَهُ بِالصبرِ على أَذَى الْمُشْركين وَأهل الْكتاب مَعَ التَّقْوَى وَذَلِكَ تَنْبِيه على الصَّبْر على أَذَى الْمُؤمنِينَ بَعضهم لبَعض متأولين كَانُوا أَو غير متأولين
وَقد قَالَ سُبْحَانَهُ وَلَا يجرمنكم شنئان قوم على أَلا تعدلوا اعدلوا هُوَ أقرب للتقوى [سُورَة الْمَائِدَة ٨] فَنهى أَن يحمل الْمُؤمنِينَ بغضهم للْكفَّار على أَلا يعدلُوا عَلَيْهِم فَكيف إِذا كَانَ البغض لفَاسِق أَو مُبْتَدع متأول من أهل الْإِيمَان فَهُوَ أولى أَن يجب عَلَيْهِ أَلا يحملهُ ذَلِك على أَلا يعدل على مُؤمن وَإِن كَانَ ظَالِما لَهُ
فَهَذَا مَوضِع عَظِيم الْمَنْفَعَة فِي الدّين وَالدُّنْيَا فَإِن الشَّيْطَان مُوكل ببني آدم وَهُوَ يعرض للْجَمِيع ولايسلم أحد من مثل هَذِه الْأُمُور دع ماسواها من نوع تَقْصِير فِي مَأْمُور أَو فعل مَحْظُور بِاجْتِهَاد أَو غير اجْتِهَاد وَإِن كَانَ هُوَ الْحق
وَقَالَ سُبْحَانَهُ لنَبيه فاصبر إِن وعد الله حق واستغفر لذنبك وَسبح بِحَمْد رَبك بالعشى وَالْإِبْكَار [سُورَة غَافِر ٥٥] فَأمره بِالصبرِ وَأخْبرهُ أَن وعد الله حق وَأمره أَن يسْتَغْفر لذنبه
1 / 38