الْوَاقِع فَإِن أُولَئِكَ كَانُوا لَا يبدأون الْبُغَاة بِقِتَال حَتَّى يجعلوهم صائلين عَلَيْهِم وَإِنَّمَا يكون ذنبهم ترك وَاجِب مثل الِامْتِنَاع من طَاعَة معِين وَالدُّخُول فِي الْجَمَاعَة فَهَذِهِ الْفرْقَة إِذا كَانَت باغية وَفِي قِتَالهمْ من الشَّرّ كَمَا وَقع أعظم من مُجَرّد الِاقْتِصَار على ذَلِك كَانَ الْقِتَال فتْنَة وَكَانَ تَركه هُوَ الْمَشْرُوع وَإِن كَانَ الْمقَاتل أولى بِالْحَقِّ وَهُوَ مُجْتَهد
وَعَامة مَا تنازعت فِيهِ فرقة الْمُؤمنِينَ من مسَائِل الْأُصُول وَغَيرهَا فِي بَاب الصِّفَات وَالْقدر والإمامة وَغير ذَلِك هُوَ من هَذَا الْبَاب فِيهِ الْمُجْتَهد الْمُصِيب وَفِيه الْمُجْتَهد الْمُخطئ وَيكون الْمُخطئ بَاغِيا وَفِيه الْبَاغِي من غير اجْتِهَاد وَفِيه المقصر فِيمَا أَمر بِهِ من الصَّبْر
وكل مَا أوجب فتْنَة وَفرْقَة فَلَيْسَ من الدّين سَوَاء كَانَ قولا اَوْ فعلا وَلَكِن الْمُصِيب الْعَادِل عَلَيْهِ أَن يصبر عَن الْفِتْنَة ويصبر على جهل الجهول وظلمة إِن كَانَ غير متأول وَأما إِن كَانَ ذَاك أَيْضا متأولا فخطؤه مغْفُور لَهُ وَهُوَ فِيمَا يُصِيب بِهِ من أَذَى بقوله أَو فعله لَهُ أجر على اجْتِهَاده وخطؤه مغْفُور لَهُ وَذَلِكَ محنة وابتلاء فِي حق ذَلِك الْمَظْلُوم
1 / 37