============================================================
عالم ملهم : تنوعت أحوال رجال الصوفية قبل ابن عربي، فتنوعت بالتالي كتاباتهم وعلومهم وأقوالهم، وكان على الطالب للتصوف، المهتم ببلوغ الغاية العلمية منه، أن يقرأ للجميع ويؤلف من شتاتهم صورة واحدة النسق ..
فهذا الجنيد، شيخ الطائفة، يتلخص نشاطه الصوفي بالتوحيد؛ فهو موحد سحقه التوحيد، وتحقه، وأفناه عن كل علم سواه. . وهذا الحلاج هام عاشقا فرددت أشعاره ونصوصه أنين أعماقه الملتهبة شوقا ووجودا وفقدا .. وهذا النفري يقف ولا يبارح، ينظر إلى السوى ولا يرى، خوف أن يحرمه الالتفات جماع كليته لاستماع الخطاب الإلهي، فتسقط العوالم عنده في العدم ، ولا ييقى إلا مخاطب ومخاطب وخطاب .. ولو أردنا أن نعدد جميع من تقدم ابن عرب في طريق الرجال، لما اتسع لنا المقال ؛ وخلاقا للجميع نرى ابن عربي وقد خرج عن قيد الحال الواحد، الذي يرفد جملة النشاط الصوفي في مسلك واحد، ويحصر بالتالي التص الصوفي في الفردية والذاتية، إلى فضاء العلوم .
نعم ، لقد خرج ابن عربي عن ذاتية الأحوال الى موضوعية العلوم ، ولكن خروجه هذا كان صوفيا أصيلا، لأننا إذا دققنا بمصادر علومه الصوفية، نجدها في الفتوحات والمشاهدات والالهامات والرؤى المنامية باختصار ان علم ابن عربي هوعلم إلهامي لدني، وليس هذا بمستغرب على إتسان تلقى " الخرقة الصوفية من الخضر عليه السلام ثلاث مرات(15) ؛ وتلقي الخرقة عمل رمزي يدل على الأخذ والمتابعة في الحال والمسلك . وكما أن الخضر عليه السلام ، علمه الله من لدنه علما، كذلك سيكون الشيخ الأكبر ممن اختارهم الله عز وجل للعلم اللدني ، أي العلم الإلهامي بكل أشكاله .
وتصبح الرؤى المنامية عند ابن عربي أبوابا مفتوحة على عالم الأسرار والمعارف اللدنية، وليس ذلك ببعيد عقلا ولا شرعا (16) على رجال استقاموا في (15) يروي ابن عر آته تلقى الخرقة من الخضر ثلاث مرات را : الفتوحات 1 / 244 ، بلاسيوس 12- (16) يتشبث الامام الغزالي يالرؤيا كبرهان ودليل على أن هناك آلة للمعرفة غير الحس والعقل، ويردد ذلك ني كثير من كتيه . يقول في المنقذ " ووراء العقل طور آخر تنفتح فيه عين اخرى، يبصر بها الغيب ، العقل معزول عنها كعزل قوة الحس عن مدركات التمييز ... وقد قرب الله تعالى ذلك إلى خلقه بأن أعطاهم اتونجأ من خاصية النبوة وهو النوم " (المنقذ من الضلال . ص 132. نشر عبد الحليم محمود. دار الكتب الحديثة- القاهرة 1385ه)
পৃষ্ঠা ১৬