============================================================
نعم ولا، وبين نعم ولا تطير الأرواح من موادها ، والأعناق من أجسادها" وعلق ابن رشد - بحسب رواية ابن عربي - على معاينته لحال العلم الكشفي الذي وجده عند ابن عربي بقوله : "هذه حالة أثبتناها وما رأينا لها أربابا، فالحمد لله الذي أنا في زمان فيه واحد من أربابها الفاتحين مغاليق ابوابها، والحمد لله الذي خصي برؤيته" وهذا يدلنا على المكانة التي ينازلها ابن عربي؛ فمنذ بدايته أعجز فيلسوف قرطبة والجاه الى الإعتراف الموضوعي بحالته الخاصة، التي تمثل التكريس لولادة تيار جديد في الفكر الصوفي وهو تيار علم المكاشفة، هذا العلم الذي سينافس الفكر النظري الفلسفي في الاسلام، لأنه يضع منهاجا صوفيا ورؤية ما ورائية متكاملة لله والإنسان والكون .
كانت البداية مع المبشرات، وهي منامات كانت تدل ابن عري بالرمز على المكانة التي تنتظره في عالم العرفان والتسطير، عالم اللوح والقلم، فيتثبت فؤاده حين يوافق "المنام الإلهام" . وأوضحها بلا شك تلك الرؤية التي رآها في بجاية عام 597 ه في رمضان، إذ راى أنه عقد زواجه في المنام على نجوم السماء كلها فما بقي منها نجم، ثم اعطي حروف الهجاء فتزوجها جميعها . ويكمل ابن عربي قائلا(14) : " وعرضت رؤياي هذه على من عرضها على رجل عارف بالرؤيا بعيد بها .. فلما ذكر له الرؤيا استعظمها وقال : صاحب هذه الرؤيا يفتح له من العلوم العلوية وعلوم الأسرار وخواص الكواكب ما لا يكون فيه أحد من أهل زمانه ونحن نرى أن هذه الرؤية تعرفنا على الوجهين اللذين اتخذهما الابداع والإلهام في عبقرية حكيم مرسية فإن هذا العارف بالرؤيا الذي فسرها بالفتح في العلوم العلوية والأسرار، قد اقتصر على تفسير الجزء الأول منها وأسقط الإشارة الواردة في حروف الهجاء ؛ وهذه الإشارة، في رأبي ، هامة جدا لأنها تعرفنا على حصوصية إلهام ابن عربي، وتقول رمزا بامتلاك ابن عربي وسائل التعبير اللغوية ؛ فهو ليس ملهم الفكرة فقط، بل ملهم الكلمة والحرف أيضا؛ وهذا ما سيتضح لنا في النقطتين التاليتين اللتين تبينان شقي الإلهام عند ابن عربي (14) الفتوحات ج 1 ص 199، بلاسيوس 12، 13.
পৃষ্ঠা ১৫