ثمت إجماع وقيس وعمل ... - ... مدينة الرسول أسخى من بذل (ثمت إجماع) يعني أن الإجماع دليل من أدلة مذهب مالك،
وهو لغة: العزم، واصطلاحا: اتفاق العلماء المجتهدين من هذه اللأمة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في أي عصر سواء كان في عصر الصحابة أم لا، وسواء كان المتفق عليه حكما شرعيا كحلية النكاح، أو لغويا ككون الفاء للتعقيب أو عقليا كحدوث العالم، أو دنيويا كتدبير الجيوش.
ولا يعتبر فيه وفاق العوام مع المجتهدين، والمراد بالعوام من لم يبلغ درجة الاجتهاد، فيدخل مجتهد الفتوى، ومجتهد المذهب، أي فيعتبر وفاقهم للمجتهدين المطلقين، ولا ينعقد مع مخالفة إمام معتبر كابن عباس من الصحابة، والزهري من التابعين، وكالأوزاعي من تابع التابعين.
ولابد له من مستند من كتاب أو سنة أو قياس؛ ولا يشترط فيه انقراض عصر المجمعين ولا كونهم على عدد التواتر؛ وهو حجة شرعية عند جميع أهل السنة لقوله تعالى { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجتمع أمتي على ضلالة".
وهو على قسمين: نطقي وسكوتي، فالنطقي هو أن يكون اجتماع المجتهدين على الحكم بالنطق به من كل واحد منهم،
والسكوتي هو أن ينطق به بعضهم ويسكت الباقون، وهو حجة ظنية؛
والنطقي على قسمين قطعي وظني، فالقطعي منه المشاهد أو المنقول بالتواتر؛ والظني هو المنقول بخبر الآحاد الصحيح، وهو حجة ظنية. والقطعي حجة قطعية، وهو الذي يمنع خرقه لإحداث قول زائد، ويقدم على ما عارضه من الكتاب والسنة والقياس ولو الجلي، لأن الكتاب والسنة يقبلان النسخ والتأويل، والقياس يحتمل المعارض أو فوت شرط من شروطه، والإجماع معصوم من هذا كله.
ولم يخالف في حجية الإجماع إلا الروافض والخوارج والشيعة والنظام، وخلافهم لغو، لأنهم ليسوا من أهل السنة، ومن جحد حجيته لم يكفر لكنه ابتدع شنيعة.
পৃষ্ঠা ১৬