ولقوله تعالى: { وما كنت متخذ المضلين عضدا }(الكهف: 51) ,وهم
يضلون بدعائهم إلى أقاويلهم الباطلة كما حكم الله تعالى ، فكيف يؤخذ بأقوالهم ولم يتخذهم الله عضدا لتبيين الحق؟
[القول بصحة أقوال مخالفي أهل البيت والفساق]
وقد قيل: إن أقوالهم صحيحة, ولعل أهل هذا القول يحتجون لذلك بما احتج به بعضهم على صحة تأويل كل الفرق لمتشابه الكتاب العزيز, حيث قال: لا يخلوا إما أن يكون الطريق إلى ذلك: العقل, أو الشرع, أو اللغة، وهم مشاركون في ذلك, بل لا يبعد أن تكون معرفتهم باللغة أوكد من الأئمة عليهم السلام لفراغهم.
والجواب والله الموفق: لا يخلوا هذا الاحتجاج من غلط أو تعام ليموه به على الجهال الذين لا يعرفون؛ لأن الطريق إلى معرفة الأحكام وتأويل المتشابه هو ذلك مع انضمام تثبيت الله وعصمته من وساوس إبليس لعنه الله تعالى وإضلاله وصده عن السبيل, كما في الآيات المتقدم ذكرها، وكما في قوله تعالى: { فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم }(البقرة: 213) وليس كذلك من كان إبليس لعنه الله قرينه, يملي عليه بوساوسه الأباطيل ويحمله على التعسف في التأويل, حتى يرد الحجج إلى أرائه ويزين له قبيح قوله وفعاله.
مع أن ذلك رد لتلك النصوص, وإبطال لفائدتها, وهي خطاب حكيم, ورد خطاب الحكيم وإبطال فائدته باطل عقلا وشرعا.
وأيضا أهل الزيغ يشاركون في ذلك, وقد أخبر الله تعالى أن تأوليهم للمتشابه غير صحيح, فقال تعالى: { وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ... الآية }(آل عمران: 7) فلو كان مجرد المشاركة في ذلك تقضي بصحة التأويل لم يخبر الله تعالى بخلافه, لأنه لا يقول إلا الحق, فكذلك في استنباط الأحكام إذ لا فرق.
পৃষ্ঠা ৫৩