ففي البيت الأول سوى بينهما. وفي البيت الثاني جعل الميت المخفف: الحي الذي لم يمت، ألا ترى أن معناه والمرء سيموت، فجرى مجرى قوله تعالى ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾.
وقال آخر:
إذا شئت آذاني صروم مشيع ... معي وعقام تتقي الفحل مقلت
يطوف بها من جانبيها ويتقي ... بها الشمس حتى في الأكارع ميت
يريد الظل: فجعل الميت (بالتشديد): ما قد مات.
وقوله: (بخبز أو بتمر أو بسمن) بدل من قوله: بزاد. أعاد معه حرف الجر، كقوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ﴾ والملفف في البجاد: وطب اللبن، يلف فيه، ويترك حتى يروب. والوطب: زق اللبن خاصة. والبجاد: الكساء فيه خطوط.
وقوله: (حرصا) ينتصب على وجهين: أحدهما: أن يكون مصدرًا سد مسد الحال، كما يقال: جئته ركضا، وخرجت عدوًا، يريد: راكضًا، وعاديًا، وحريصًا. والوجه الثاني: أن يكون مفعولًا من أجله. وإنما ذكر لقمان بن عاد لجلالته وعظمته. يريد أنه لشدة نهمه وشرهه إذا ظفر بأكلة، فكأنه قد ظفر برأس لقمان، لسروره بما نال، وإعجابه بما وصل إليه. وهذا كما يقال لمن يزهي بما فعل، ويفخر بما أدركه، كأنه قد جاء برأس خاقان.
1 / 107