التفسيرين. ومن هذا المعنى الثاني ما روى في تفسير قولهم: أهون من قعيس على عمته. قالوا: أصله أن (قعيستا) رهنته عمته في جزرة بقل اشترتها، لم ثم لم تفكه وقال: غلق الرهن.
وقوله: (والمنحة مردودة) المنحة، والمنيحة: الشاة أو الناقة يعيرها الرجل صاحبه، لينتفع بلبنها مدة ثم يردها. فأراد أن إعطاءه إياها ليس يخرجها عن ملك صاحبها، إلا أن يعطيها إياه على وجه الهبة، فليس له أن يرجع فيما وهب، لقوله ﷺ: «الراجع في هبته كالراجع في قيئه»
وقوله: (والعارية مؤداة): يريد أن إعارته إياها لا يخرجها عن ملكه، كما لم يخرج المنحة عن ملكه منحه إياها. والعارية أعم من المنحة، لأنها لا تقع على كل ما أعطاه الإنسان إعطاء ينوي استرجاعه، إذا قضي المستعير منه حاجته، فكل منحة عارية، وليست كل عارية منحة. واشتقاق العارية من التعاور وهو تداول الرجلين الشيء يفعله هذا حينًا، ويفعله هذا حينًا، ويقال: عاورته الشيء، معاورة وعوارًا، كما تقول: داولته الشيء مداولة ودوالا، قال ذو الرمة:
وسقط كعين الديك عاورت صاحبي ... أباها وهيأنا لموقعها وكرا
ووزن عارية على هذا (فعليه)، وأصلها عورية، انقلبت واوها ألفًا، لتحركها وانفتاح ما قبلها.
1 / 89