فعرف مكانة محمد بن عبد الملك الزيات، من الأدب، وكان يتولى قهرمة الدار، ويشرف على المطبخ، ويقف في الدار وعليه دراعة سوداء، فأمر بإدخاله عليه، وقال له: ما الكلأ؟ فقال: النبات كله رطبه ويابسة، والرطب منه خاصة، يقال له: خلا. واليابس منه: يقال له حشبش، ثم اندفع يصف له النبات من حين ابتدائه إلى حين اكتهاله إلى حين هيجه، فاستحسن المعتصم ما رأى منه، وقال: ليتقلد هذا الفتى العرض على، فكان ذلك سبب ترقيه إلى الوزارة.
وكان لمحمد بن عبد الملك حظ. وافر من الأدب والنظم والنثر، وكان أبوه إذا رأى جده في القراءة، لأمه على ذلك، وقال له: ما الذي يجدى عليك الأدب؟ ولو تحرفت في بعض الصناعات، لكان أجدى عليك، إلى أن امتدح الحسن بن سهل، فأعطاه عشرة آلاف درهم، فقال له أبوه: والله لا ألومك أبدًا. ولما وصله الحسن قال
لم أمتدحك رجاء المال أطلبه ... لكن لتلبسني التحجيل والغررا
ما كان ذلك إلا أنني رجل ... لا أقرب الورد حتى أعرف الصدرا
1 / 71