يقبض الْعلم بِقَبض الْعلمَاء حَتَّى إِذا لم يتْرك عَالما اتخذ النَّاس رُءُوسًا جُهَّالًا فسئلوا فافتوا بِغَيْر علم فضلوا وأضلوا
وَقَالَ ابْن عبد البر قَرَأت على أَحْمد بن قَاسم أَن قَاسم بن أصبغ حَدثهمْ قَالَ حَدثنَا الْحَرْث ابْن أبي أُسَامَة ثَنَا يزِيد بن هَارُون ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْفَزارِيّ ثَنَا عبد الله بن زحر عَن عَليّ بن يزِيد عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ إِن الله بَعَثَنِي رَحْمَة وَهدى للْعَالمين وَأَمرَنِي رَبِّي أَن أمحو المزامير وَالْمَعَازِف وَالْخمر والأوثان الَّتِي كَانَت تعبد فِي الْجَاهِلِيَّة وَأقسم رَبِّي بعزته لَا يشرب عبد الْخمر فِي الدُّنْيَا إِلَّا سقيته من حميم جَهَنَّم معذبا أَو مغفورا لَهُ وَلَا يَدعهَا عبد من عَبِيدِي تحرجا عَنْهَا إِلَّا سقيته إِيَّاهَا من حَظِيرَة الْقُدس
قَالَ أَبُو أُمَامَة وَقَالَ رَسُول الله ﷺ إِن لكل شَيْء إقبالا وإدبارا وَإِن من إقبال هَذَا الدّين مَا بَعَثَنِي الله بِهِ حَتَّى إِن الْقَبِيلَة تتفقه من عِنْد أيسرها أَو قَالَ آخرهَا حَتَّى لَا يكون فِيهَا إِلَّا الْفَاسِق أَو الفاسقان فهما مقموعان ذليلان إِن تكلما أَو نطقا قمعا وقهرا واضطهدا ثمَّ ذكرا أَن من إدبار هَذَا الدّين أَن تجفو الْقَبِيلَة كلهَا الْعلم من عِنْد أيسرها حق لَا يبْقى إِلَّا الْفَقِيه أَو الفقيهان فهما مقموعان ذليلان إِن تكلما أَو نطقا قمعا وقهرا واضطهدا وَقيل أتطغيان علينا وَحَتَّى تشرب الْخمر فِي ناديهم ومجالسهم وأسواقهم وتنحل الْخمر اسْما غير أسمائها وَحَتَّى يلعن آخر هَذِه الْأمة أَولهَا أَلا فَعَلَيْهِم حلت اللَّعْنَة وَذكر تَمام الحَدِيث
قلت وَلَقَد صدق رَسُول الله ﷺ فَكل ذَلِك قد وَقع لِأَن اسْم الْفَقِيه عِنْد السّلف كَمَا تقدم إِنَّمَا يَقع على من علم الْكتاب وَالسّنة وآثار الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ من عُلَمَاء الْأمة وَأما من اشْتغل بآراء الرِّجَال واتخذه دينا ومذهبا ونبذ كتاب الله وَسنة رَسُول الله ﷺ وقضايا الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وآثارهم من وَرَائه فَلَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْفَقِيه بل هُوَ باسم الْهوى والعصبية أولى وَأَحْرَى وَلَقَد شاهدنا فِي زَمَاننَا هَذَا مِمَّا قَالَه أَبُو السَّمْح فَلَقَد طفت من أقْصَى الْمغرب وَمن أقْصَى السودَان إِلَى الْحَرَمَيْنِ الشريفين فَلم ألق أحدا يسْأَل عَن نازلة فَيرجع إِلَى كتاب رب الْعَالمين وَسنة سيد الْمُرْسلين وآثار الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ إِلَّا ثَلَاثَة رجال وكل وَاحِد مِنْهُم مقموع مَحْسُود يبغضه جَمِيع من فِي بَلَده من المتفقهين وغالب من فِيهِ من الْعَوام والمتسمين بسيم الصَّالِحين وَمُوجب الْعَدَاوَة والحسد تمسكهم بِالْكتاب وَسنة إِمَام الْمُتَّقِينَ ﷺ ورفضهم كَلَام الطَّائِفَة العصبية والمقلدين
قَالَ أَبُو عمر بِسَنَدِهِ إِلَى عَطاء عَن أَبِيه قَالَ سُئِلَ بعض أَصْحَاب النَّبِي ﷺ عَن شَيْء فَقَالَ لأستحيي من رَبِّي أَن أَقُول فِي أمة مُحَمَّد ﷺ برأيي وَقَالَ عَطاء وأضعف الْعلم أَيْضا علم النّظر أَن يَقُول الرجل رَأَيْت فلَانا يفعل كَذَا وَلَعَلَّه فعله سَاهِيا وَقَالَ ابْن
1 / 28