قدح في مذهبه، وذلك أن سيبويه قال في هذا الباب نصا: (له صوت أيما صوتٍ، وله صوت مثلُ صوت الحمار) بالرفع، (لأن أيًّا المثلَ صفةٌ) وهما الأول، فالرفع في هذا أحسن، ثم قال: (وقد علمت أن صوت حمار ليس بالصوت الأول)، فهل يقول محمد ابن يزيد: إن صوت حمار هو صوت الرجل فيكون رادا على سيبويه؟ ويقول [: إن (مثل) ليس بالأول فيكون مخالفا له أيضا، وهو لا يقول ذلك، ومذهب سيبويه إذا رفع على ما ذكر في قولهم: له صوتٌ صوتُ حمار، أنه على سعة الكلام وعلى إرادة مثل، وهو نظير ﴿واسئل القرية﴾ في حذف الأهل وإقامة المضاف إليه مقام المضاف، وكذلك ما أنت إلا سيرٌ على سعة الكلام أيضا إذا رفع، ومعناه ما أنت إلا ذو سير، على سعة الكلام حملها سيبويه، ولم يأت في هذه المسألة بخلاف ولا رد، وإنما رأى سيبويه- وقد ترك التمثيل- لأن هذا <مما> لا يلبس، فظن أن قوله: ما أنت إلا سيرٌ قول من ذهب إلى أنه لم يحذف منه شيء، فأضاف هذا التأويل إلى نفسه وجعله مذهبا ظفر به.
وقول سيبويه: (إن رفعه على سعة الكلام كما جاز لك أن تقول: ما أنت إلا سير)، دليل على الحذف، لأن المجاز وسعة الكلام كله محذوف منه، لأنك إنما تسند الوصف أو الخبر إلى شيء في اللفظ وهو في المعنى لسواه إذا ان ذلك غير ملبس على المخاطب نحو قولهم: /٤٨/ بنو فلان تطؤهم الطريق: فأسندوا هذا الفعل إلى الطريق في اللفظ وهو في المعنى لأهل الطريق، وكذلك سائر هذا الباب، إنما هو على الحذف والاختصار إذا زال اللبسُ وأُمِن.
1 / 106