نبذة عن كتاب الإمتاع والمؤانسة
كتاب «الإمتاع والمؤانسة» الذي اضطلع بتحقيقه الأستاذان أحمد أمين وأحمد الزين (والذي نقدمه للقارئ الكريم، اعتمادا على طبعتهما) ظهر على ثلاثة أجزاء صدرت في السنوات ١٩٣٩، و١٩٤٢، و١٩٤٤ على التوالي. وربما كان هذا المؤلّف الضخم من أقوم كتب التوحيدي، وأنفعها، وأمتعها، خصوصا وأن الأستاذين المحققين قد عنيا بتصحيح الكتاب ومراجعته، فجاء التصحيف والتحريف فيه على أضيق نطاق. وقد كتب المرحوم أحمد أمين مقدمة قيّمة، روى فيها قصة تأليف التوحيدي لهذا الكتاب نذكرها هنا لأهميتها فقال: ولتأليف أبي حيان لهذا الكتاب قصة ممتعة، ذلك أن أبا الوفاء المهندس كان صديقا لأبي حيان وللوزير أبي عبد الله العارض، فقرب أبو الوفاء أبا حيان من الوزير، ووصله به، ومدحه عنده، حتى جعل الوزير أبا حيان من سمّاره، فسامره سبعا وثلاثين ليلة كان يحادثه فيها، ويطرح الوزير عليه أسئلة في مسائل مختلفة فيجيب عنها أبو حيان.
ثم طلب أبو الوفاء من أبي حيان أن يقص عليه كل ما دار بينه وبين الوزير من حديث، وذكّره بنعمته عليه في وصله بالوزير، مع أنه «أي أبا حيان» ليس أهلا لمصاحبة الوزراء لقبح هيئته وسوء عادته وقلة مرانته وحقارة لبسته، وهدده إن هو لم يفعل أن يغض عنه، ويستوحش منه، ويوقع به عقوبته، وينزل الأذى به.
فأجاب أبو حيان طلب أبي الوفاء، ونزل على حكمه، وفضّل أن يدون ذلك في كتاب يشتمل على كل ما دار بينه وبين الوزير من دقيق وجليل وحلو ومر، فوافق أبو الوفاء على ذلك، ونصحه أن يتوخى الحق في تضاعيفه وأثنائه، والصدق في إيراده، وأن يطنب فيما يستوجب الإطناب، ويصرح في موضع التصريح.
«فكان من ذلك كتاب الإمتاع والمؤانسة» .
من هو الوزير أبو عبد الله العارض الذي سامره أبو حيان؟
لقد بحثت عنه في مظانه فلم أوفق إلى العثور عليه، وقبل ذلك عني المرحوم أحمد زكي باشا بالبحث والسؤال عنه من بعض علماء الشرق والغرب فكان حظه حظي.
1 / 24