ومما يصدق قولنا أن الإمامة موضع حاجة الخلق، وأنه لا غناء بالناس عنه، قول الله تبارك وتعالى في كتابه: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } [النساء: 59]. وقوله: {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء: 59]. فأمر بطاعة معلوم غير مجهول، وأوجب على الخلق ثلاث طاعات ترجع إلى طاعة واحدة، وهي طاعة الله عز وجل. وأنه لا غناء بالناس بعد الرسول صلى الله عليه وآله من الإمام، وإلا سفكوا الدماء وانتهكوا المحارم، وغلب القوي الضعيف، وبطلت الأحكام والحدود، وحقوق اليتامى والمساكين، ورجع الدين جاهلية. فلذلك قلنا إن الإمامة لا تكون إلا في موضع معروف، حتى متى قصدوا إلى ذلك الموضع وجدوا حاجتهم، وإلا اختلفوا وهلكوا.
فإن قالوا: بينوا لنا وجه الفريضة ؟
قيل لهم: الوجه على مثال قياس الفرائض كلها، يأتي الخبر من الله فيأمر نبيه عليه السلام أن ينص رجلا بعينه من موضع معروف، ولا يكون ذلك الموضع إلا وهم به عارفون في النسب والتقى، ليكون موضع القنوع حتى لا يقول أحد أنا أولى. كما لم يجز لأحد أن يدعي أنا أولى بالرسالة من الموضع الذي بعث الله منه نبيه. وكذلك الإمامة في أرفع المواضع، وهو معدن الرسالة لقطع الحجة.
والدليل على ما قلنا أن الإمامة إذا خرجت من أرفع المواضع وأقربها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، ادعت كل فرقة من الأمة الإمامة، ووقع الاختلاف، وفي الاختلاف إبطال الدين.
فإن قالوا: إنك ادعيت أن الإمامة بخبر من رسول الله صلى الله عليه وآله أن ينص رجلا بعينه، فإذا قبض النبي انقطع الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله فقد تغيرت الفريضة عن جهتها ؟!
পৃষ্ঠা ১০৪