فإن قالوا: لا تكون إلا في جنس واحد. نقضوا قولهم إن الشورى لا تكون إلا بالمسلمين جميعا.
وإن قالوا: لا تكون إلا من الأجناس جميعا.
قيل لهم: فما بال أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يدخلوا معهم في الشورى غيرهم ؟ وما بال عمر لم يجعلها في الأجناس جميعا ؟ وما باله لم يجعلها شورى بين المسلمين كلهم ؟ وهذا متناقض لا يستقيم. فأي ذلك قال انكسر عليه حتى يرجع إلى أهل الحق!
واعلم أن أفرض الفرائض وآكدها فرض الإمامة؛ لأن جميع الفرائض لا تقوم إلا بها. ولا يجوز تبديل فريضة الإمامة بوجه من الوجوه، لأن فيها من الإفساد ما ليس في غيرها.
وإن سألوا فقالوا: ما تقولون في الإمامة فريضة هي، أم سنة، أم تطوع ؟
قيل لهم: بل أفرض الفرائض، وآكده في الفرض.
فإن قالوا: هل يجوز أن يخالف في هذه الفريضة ( بوجه من الوجوه ؟
قيل له: لا. لأنه لو جاز أن يخالف فريضة لجاز أن يخالف الفرائض ) كلها ؟
فإن قالوا: فما وجه الإمامة عندكم ؟
قيل: وجه الإمامة موضع الإختيار من الله معدن الرسالة ليكون الموضع معروفا. والدليل على ذلك أن الإمامة موضع حاجة الخلق، فلا يجوز أن تكون في موضع غير معروف، إذا بطلت الحاجة وضاع المحتاجون، وإذا كان ذلك كذلك فسد التبيين، ودخل الوهن في الدين؛ لأن الله تبارك وتعالى، وضع الأشياء موضع الحاجة، ووضع للمحتاجين ما فيه صلاحهم. ولو لا ذلك لفسد التدبير، وهلك الخلق.
والدليل على ذلك أن الله بعث الرسل لحاجة الخلق، ليبين لهم ما فيه صلاحهم، وإذا لم يبين لهم ما فيه صلاحهم هلكوا. فلذلك قلنا: لا يجوز أن تكون الإمامة بعد النبوة إلا في موضع معروف لحاجة الخلق إليها، وإلا فسد التدبير وضاع الخلق.
পৃষ্ঠা ১০৩