211

الاثرة على أنفسكم وسمى من فعل ما تدعون إليه مسرفا ، وفي غير آية من كتاب الله يقول : « إنه لا يحب المسرفين » (1) فنهاهم عن الإسراف ونهاهم عن التقتير لكن أمر بين أمرين ، لا يعطي جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له ، للحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أن أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم ، رجل يدعو على والديه ، ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يكتب عليه ولم يشهد عليه ، ورجل يدعو على امرأته وقد جعل الله عز وجل تخلية سبيلها بيده ، ورجل يقعد في بيته ويقول رب ارزقني ولا يخرج ولا يطلب الرزق ، فيقول الله عز وجل له : عبدي ألم أجعل لك السبيل الى الطلب والضرب في الأرض بجوارح صحيحة فتكون قد اعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري ولكي لا تكون كلا على أهلك ، فإن شئت رزقتك وإن شئت قترت عليك ، وأنت معذور عندي.

ورجل رزقه الله مالا كثيرا فأنفقه ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني ، فيقول الله عز وجل : ألم أرزقك رزقا واسعا فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك ، ولم تسرف فيه وقد نهيتك عن الإسراف.

ورجل يدعو في قطيعة رحم ، ثم علم الله جل اسمه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم كيف ينفق ، وذلك أنه كان عنده اوقية من الذهب فكره أن تبيت عنده فتصدق بها ، فأصبح وليس عنده شيء ، وجاء من يسأله ولم يكن عنده ما يعطيه فلامه السائل ، واغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه وكان رحيما رقيقا فأدب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بأمره فقال : « ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا » (2) يقول : إن الناس قد

পৃষ্ঠা ২১৪