وبعد: فإن أولى ما به الأخباري يعتني، وأغلى ما له الأثاري يقتني، معرفة سيرة نبي العجم والعرب، والداعي لأتم الطاعات والقرب، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، أشرف مرسل ومنتسب، المتضمنة لمولده ونسبه، وأصله وحسبه، ورضاعه وأسمائه، ومنشأه إلى انتهائه، ومبدأ البعث والنبوة، مما ظهر من تلك الآيات والعلامات الشاهدة للقوة، كانشقاق القمر بالدليل القطعي الذي اشتهر، والإسراء والمعراج، والهجرة، ثم فتح مكة التام به الانتهاج، وبناء المسجد الشريف، وبكاء الجذع المنيف، ومغازيه وسيره، وبعوثه وعمره، وحجة الوداع، البديعة الارتفاع، وحليته وصفاته، وأخلاقه وشمائله، ونعوته وخصائله، وأعمامه وعماته، وبنيه وبناته، ومواليه وأمرائه، وأصحابه وخيله وسلاحه، وسائر أشيائه، وخصائصه ومعجزاته، ثم مرضه ووفاته، إلى غير ذلك مما يعظم النفع به للسالك، بل هو فيما قال ابن فارس إمام اللغويين: ((مما يحق معرفته على المسلمين)).
وظاهره كما لبعضهم: الوجوب، وإليه ميل ما في القلوب، ولكن قال غيره: ((إن التهمم بمعرفة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما يضاف لذلك مما هو مأثور ومنقول، من أولى ما يهتم به، ويقدم العارف بسببه، ويتوفر علمه عمن لا يعلمه)).
পৃষ্ঠা ২৬