============================================================
و ذلك أن طريق الفقه في حق الصحابة خطابالله عز وجل ، وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما عقل منها ، فخطابالله عز وجل هو القرآن ، وقد أنزل ذلك ب لغتهم ، على أسباب عرفوها وقصص كانوا فيها ، فعرفوها مسطورة ومفهومة : ومنطوقة ومعقولة ، ولهذا قال أبو عبيدة في كتاب " المجاز " : لم ينقل أن أحدا في الصحابة رجع في معرفة شيء من القرآن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخطاب سول الله صلى الله عليه وسلم آيضا بلغتهم : يعرفون معناه : ويفهمون منطوقه و فحواه ، وأفعاله هي الي فعلها من العبادات والمعاملات والسير والسياسات ، وقد شاهدوا ذلك كله وعرفوه وتكرر عليهم وتحروه" (1) ولم يكد أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام يفرغون من دفنه في قبره المطهر حتى ذر قرن الاختلاف فيما بينهم في أمور عدة . كان في طليعتها اختلافهم فيمن يلي منصب إمامة المسلمين، فكان الأنصار يرون أنفسهم أحق بالخلافة من غيرهم ، لأنهم آووا الرسول ونصروه ، وإليهم كانت هجرته، وكان المهاجرون يرون أنفسهم أحق بها ، لأنهم قوم الرسول وعشيرته : حتى إن العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم ليرى أن أهل بيت الرسول هم آولى الناس بذلك : لما لهم من القرابة والعصوبة.
م توالى الاختلاف بعد ذلك في مسائل كثيرة ، وكان لهذا الاختلاف أسباب كثيرة سنعرض لأهمها عند الحديث عن أسباب الخلاف: لقد كانت رقعة الخلاف في عهد الصاحبين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ضيقة جدا ، وسبب ذلك أن الصحابة لم يتفرقوا في الآفاق ، وكانا يرجعان اليهم فيما جد من المسائل.
عن ميمون بن مهران قال : كان أبوبكر الصديق إذا ورد عليه حكم نظر في كتاب الله تعالى ، فإن وجد فيه ما يقضي به قضى به : وإن لم يجد في كتاب الله ظر في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن وجد ما يقضي به قضى به، قا (1) انظر كتاب " تمهيد لتاريخ الفلسفة الاسلامية" للشيخ مصطفى عبد الرازق (152)
পৃষ্ঠা ৩৬