وأما الإرادة في الشاهد فالاختيار لازم لها قطعا وسنقف فيما سيأتي نقله عن شرح المواقف على أن قولهم أن الوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار وإن تم لهم في جانب القدرة بمعنى الذي دلس به الفلاسفة من قولهم أن القادر المختار وهو من إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، لكنه لا يتم لهم في جانب القدة والإرادة بالمعنى الذي هو معنى الفلاسفة في قدم العالم المنافي للاختيار قطعا وإجماعا، ولا يخفى عليهم أن تفسير الفلاسفة في الاختيار بالمعنى المذكور آنفا تلبيس وتمويه.
أما أولا: فلأنهم جازمون أن وجود العالم برمته غير مستند إلى قصد الباري واختياره وإرادته.
أما ثانيا: فلأن قولهم: وإن لم يشأ لم يفعل ذهاب منهم إلى ما لم يكن مفعولا لعدم شبه فعله فإن عدمه يكون اختياريا فيلزم أن الإعدام الأزلية اختيارية للباري بل يلزم إن عدم المجال اختياري، بل يلزم أن ما لا يفعله العبد لعدم قدرته وإراجة له يكون عدمه مستندا إلى اختياره إلى غير ذلك من اللوازم الباطلة قطعا وإجماعا، لا يقال: ليس المراد عدم المشيئة، والإرادة مطلقا بل عدمها ممن تصح منه مع صحتها منه، وهذه اللوازم مبنية على أنه يكفي مجرد عدم المشيئة كأن لم يصح، لأنا نقول: عن هذا مسائل فإنا بصدد البحث عن صحة المشيئة، ثم زعموا أنه قادر مختار.
وأما الفلاسفة فقد صرحوا بأنه لا يصح تعلق مشيئة الباري بعدم العالم أصلا وأنه لا طريق للاختيار فيه، بل هم نافون للمشيئة حقيقة.
পৃষ্ঠা ৬২