ونقل الشهرستاني الآتي ذكره إن شاء الله تعالى أن إمام الحرمين صرح بأن الأكوان التي يحدثها العبد ويؤثر فيها بقدرته أمور حقيقية وأشياء متصفة بالوجود حقيقة، وهكذا فهمته في كلام الإمام الرازي في المحصل، وعلى هذا فليس مذهب إمام الحرمين كمذهب أبي الحسين، وهذا الذي نقل عنه الشهرستاني ما يؤكده في النظامية التي هي المعتمدة في معتقد إمام الحرمين كما اعترف به المعترض، وسيأتي نقل اعترافه بذلك إن شاء الله تعالى، وإذا عرفت هنا فقد ظهر لك ضلال المعترض وأن تضليله الذي عرض به في قوله : فلا يشاركه من خلقه ....إلخ، تضليل لمشائخ أصحابه، وفحولهم وأئمتهم، وهو الاستاذ، والإمامان وغيرهم، ولم يختص هذا التعريض بالمؤلف وأصحابه العدلية رحمهم الله تعالى، فدون المعترض ودون هؤلاء المذكورين، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، والحمد لله رب العالمين.
ومنها: أي تلك الأشياء التي حوتها خطبته قوله: سبحانه هو القاهر...إلخ، فإنه أشار إلى مقتضى القاهر به وعدم المشاركة للقاهر في شيء من الأشياء، وعززه بقوله: فأنى لمقهور الاستقلال ...إلخ، لكنك ستقف فيما سيجيء إن شاء الله على أن معنى الاستقلال المعروف في لغة العرب لا يصح في كلامه أصلا بالنظر إلى إثباته ولا بالنظر إلى نفيه كما هو مراده ومطلوبه، وكل هذه الألفاظ قعاقع صيف، وزعازع طيف، بل مصارع حيف، ومواقع زيف،.
أما الملكوتية والمشاركة في الإيجاد فقد عرفت ما فيه.
وأما الفاعلية لما يريد فسيأتي الكلام على ذلك موضحا إن شاء الله تعالى.
وأما القاهرية والمقهورية أظهر وأكمل من قاهرية القاهر العاجز الذي لا يقدر على التأثير في شيء، وهو ظاهر لا يخفى على عاقل منصف أن كون العبد مقهورا بقاهرية الله تعالى لا يستلزم أن يكون غير مؤثر في أفعاله الاختيارية، بل ربما يستلزم كونه مؤثرا فيها.
পৃষ্ঠা ৪৫